للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التقويم:

القول بإعجاز القرآن مما اتفق عليه أهل القبلة في الجملة، وأقروا بكونه أظهر معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبينها، وأعلاها، وأشرفها.

وبما سبق نقله عن ابن حجر - رَحِمَهُ الله - في هذه المسألة، وتقريراته في فروعها يتبين ما يلي:

١ - أن ما ذكره في تعريف المعجزة وشروطها مخالف لمذهب أهل السنة والجماعة - كما سيأتي - (١).

٢ - أن ما قرره من إعجاز القرآن، ودلالته على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - هو محل إجماع أهل القبلة - وإن اختلفوا في وجه إعجازه - (٢).

وقد وردت النصوص بإثبات ذلك، وتقريره:

قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (٣٣) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (٣٤)} [الطور: ٣٣، ٣٤].

وقال سبحانه: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٣)} [هود: ١٣].

وقال - عَزَّ وَجَلَّ -: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣٨)} [يونس: ٣٨].

يقول العلامة ابن القيم - رَحِمَهُ الله -: "من المحال أن يأتي واحد بكلام يفتعله، ويختلقه من تلقاء نفسه، ثم يطالب أهل الأرض بأجمعهم أن يعارضوه في أيسر جزء منه يكون مقداره ثلاث آيات من عدة ألوف، ثم تعجز الخلائق عن ذلك" (٣).

وقال: "ما من الأنبياء إلا أُعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إليَّ، فأرجو أن أكون أكثرهم


(١) انظر: (ص ٤٣٧).
(٢) انظر: البرهان في علوم القرآن للزركشي (٢/ ٢٢٦ - ٢٣٨)، الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (٤/ ٣ - ٢٣).
(٣) بدائع الفوائد (٢/ ٤٣٥).

<<  <   >  >>