الأول: أن يكون احتجاج آدم بالقدر على المصيبة لا على المعصية، والقدر يحتج به على المصائب دون المعايب.
والثاني: أن يكون احتجاج آدم بالقدر على المعصية لا على المصيبة، ولكن احتجاجه به بعد وقوعه في المعصية وتوبته منها لدفع ملامة موسى عليه السلام.
ولا خلاف في جواز الاحتجاج بالقدر في هاتين الحالتين بخلاف ما دونهما، وعليهما يحمل الحديث (١).
ومما سبق يعلم صحّة ما ذهب إليه ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ من بطلان الاحتجاج بالقدر على المعاصي، وتوجيهه احتجاج آدم عليه السلام بوقوعه بعد التّوبة ولغرض دفع الملامة.
٢ - ردّ القضاء بالدّعاء:
يقول ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ:"قال بعض المبتدعة [بإبطال] الدّعاء من أصله، وقالوا: لا فائدة له؛ لأنّه إن سبق وصول المدعو به للدّاعي، فالدّعاء بوصوله عبث، وإلا فهو عبث أيضًا.
وردّ عليهم أهل السّنّة:
... أنّ المقدّرات على قسمين: منها ما أُبرم وهو المعبّر عنه بما في أمّ الكتاب الذي لا يقبل تغييرًا ولا تبديلًا، ومنها ما عُلّق على فعل شيء، وهو المعبّر عنه باللوح المحفوظ القابل للتّغيير والتّبديل، وأصل ذلك قوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (٣٩)} [الرعد: ٣٩] ...
وكذلك الدّعاء قد يكون المدعو به معلّقًا على الدّعاء فكان للدّعاء فائدة أي فائدة.
على أنّ الدّعاء لا يخيب أبدًا؛ لأنّه إن كان بما عُلِّق على الدّعاء فواضح وجود الفائدة فيه، وعليه يحمل قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يردّ القضاء إلا
(١) انظر: مجموع الفتاوى (٩/ ٣١٨)، شفاء العليل (١/ ٩٣ - ٩٥)، شرح الطحاوية (١/ ١٣٥ - ١٣٦).