للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما ذكره عن الشافعية من القول بكراهة اتخاذ السرج على القبور دون حرمة ذلك، وحمله كلامهم على ما لم يقصد به التعظيم والتبرك أو ما لم يكن فيه إسراف وتبذير، فمتعقب بكون النهي الوارد عن اتخاذ السرج على القبور ظاهرًا في التحريم، ولا يحتمل غيره، إذ هو دال على لعن فاعله، وهو غاية في النهي والزجر، وأي لفظ أدل على التحريم من ذلك؟ !

وحمل النهي على ما قصد به التعظيم والتبرك أو اشتمل على إسراف وتبذير تخصيص لعموم النهي الوارد، والأصل بقاؤه على عمومه فلا يعدل عنه إلا بدليل، ولا دليل يدل على التخصيص.

[د- البناء على القبور]

يرى ابن حجر -رَحِمَهُ اللهُ- تحريم البناء على القبور في المقابر المسبلة والموقوفة، وجواز هدم بنائها، يقول في ذلك: "يحرم بناء القبر في المقبرة المسبلة وهي التي اعتاد أهل البلد الدفن فيها، ومثلها الموقوفة لذلك ... لوجود علة تحريم البناء في ذلك وهي تحجير الأرض على من يدفن بعد بلاء الميت ومنع الناس من الانتفاع بها، فحرم ووجب على ولاة الأمر هدم الأبنية التي في المقابر المسبلة ... " (١).

وأما المقابر المملوكة لأصحابها فيرى كراهة البناء عليها لانتفاء علة التحريم عنها حيث يقول: "يكره [يعني: البناء على القبور] ... ومحل كراهة البناء إذا كان بملكه، فإن كان بمسبلة ... أو موقوفة حرم وهدم" (٢).

كما يرى ابن حجر بطلان النذر بتجصيص القبور، ويستثني من ذلك قبور الأنبياء والأولياء.

يقول في ذلك: "والنذر للتجصيص المذكور باطل ... ويصح ذلك في قبور الأنبياء والأولياء والعلماء" (٣).


(١) الفتاوى الفقهية الكبرى (١/ ٤٢٢)، وانظر: (١/ ٤١٣)، وتحفة المحتاج (١/ ٤٣٣ - ٤٣٤)، وفتح الجواد (١/ ٢٤٣ - ٢٤٤).
(٢) فتح الجواد (١/ ٢٤٣ - ٢٤٤)، وانظر: تحفة المحتاج (١/ ٤٣٤).
(٣) الفتاوى الفقهية الكبرى (٤/ ٢٨٢).

<<  <   >  >>