للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بتكليم الله إياه، دل ذلك على أن الذي حصل له ليس من جنس الإلهامات وما يدرك بالقلوب، إنما هو كلام مسموع بالآذان، ولا يسمع بها إلا ما هو صوت" (١).

٢ - أن هذا التأويل مُعَارَض بأقوال السلف -رحمهم الله- "فإن مفسري القرآن، وأهل السنة والآثار، وأتباعهم من السلف كلهم متفقون على أن الله كلم موسى بصوت، كما في الآثار المعروفة عنهم في الكتب المأثورة عن السلف ... " (٢).

٣ - أن هذا التأويل "معلوم الفساد بالضرورة، وإنما ألجأ إليه القائلون به ما تقدم من الأصول التي استلزمت هذه المحاذير، وإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم" (٣).

وأما عزو ابن حجر هذا القول إلى أهل السنة فهو متعقب بكونه ليس قولًا لهم هانما هو من أقوال الأشاعرة، والأشاعرة ليسوا من أهل السنة المحضة، وبكونه ليس مُسَلمًا لديهم جميعًا بل إن منهم من اعترض عليه، وأعرض عنه (٤).

وجملة القول أن ما قرره ابن حجر -غفر الله له- في كلام الله تعالى مما تابع فيه متأخري الأشاعرة، وهو مُعَارَض بدلالة الكتاب والسنة والإجماع والعقل، واعتراض أئمة الأشاعرة أنفسهم عليه فضلًا عن غيرهم.

[٢ - صفة النزول]

يرى ابن حجر -غفر الله له- استحالة اتصاف الله تعالى بالنزول "لتعاليه سبحانه عن الحركة والجهة والجسمية ولوازمها، فوجب تأويل ذلك إما إجمالًا بأن ينزه الله عن ظاهره ويفوض علم حقيقة المراد به إليه تعالى وهو مذهب أكثر السلف وهو أسلم، وإما تفصيلًا بأن يبين بنزول أمره مثلًا كما تقرر وهو مذهب بعض السلف كمالك وجعفر الصادق في الآخرين


(١) مجموع الفتاوى (٦/ ٥٣١ - ٥٣٢).
(٢) المصدر السابق (٦/ ٥٣٢).
(٣) درء التعارض (٢/ ١١٥).
(٤) انظر: شرح المقاصد (٤/ ١٥٥ - ١٥٧).

<<  <   >  >>