للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصّالحة التي يدوم له ثوابها بعد الموت ... " (١).

وقال في موضع آخر: "الأحاديث المصرّحة بأنّ صلة الرّحم تزيد في العمر محمولة على ظاهرها وأنّ الزّيادة فيها حقيقيّة، أي: بالنّسبة لعلم الملائكة واللوح المحفوظ بأن يكتب به معلّقا، كإن وصل فلان رحمه عاش عشرين سنة، وإلا عاش عشرة، وما في أمّ الكتاب الواقع لا غير، لأنّها علم الله القديم وهو لا تعليق فيه ولا يطّلع أحد عليه.

وقيل: المراد بالزّيادة في العمر البركة فيه، بأن يبارك له في عشرين مثلًا، فيحصل له من أعمال الخير ما لا يحصله غيره في أربعين مثلًا" (٢).

التقويم:

زيادة العمر بالبرّ والصّلة ثابتة بالسّنّة المتواترة، حيث وردت أحاديثها عن سبعة وعشرين صحابيًّا، وتعدّدت طرقها، واختلفت ألفاظها، بما يؤكّد دلالتها، وجمعها غير واحد من أهل العلم وتكلّموا عليها رواية ودراية (٣)، ومنها:

حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنّ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أحبّ أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه" (٤).

وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- بنحوه أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "من سرّه أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه" (٥).

وقد اختلفت مذاهب أهل العلم في إثبات الزّيادة وعدمها، وذهبوا فيها مذهبين:


(١) أسنى المطالب (ص ١٣٠)، وانظر: (ص ١١٨)، الإنافة (ص ١٦٢).
(٢) الإنافة (ص ٥٤).
(٣) انظر: إرشاد ذوي العرفان لِمَا للعمر من الزيادة والنقصان لمرعي الكرمي (ص ٤١)، تنبيه الأفاضل على ما ورد في زيادة العمر ونقصانه من الدلائل للشوكاني (ص ١١)، وللاستزادة: جمع جهود الحفاظ النقلة بتواتر روايات زيادة العمر بالبر والصلة للطفي بن محمد الصغير (ص ٢٧) وما بعدها.
(٤) أخرجه البخاري، كتاب البيوع، باب من أحب البسط في الرزق (٢/ ٦١٦) برقم (٢٠٦٧)، ومسلم، كتاب البر والصلة، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها (٤/ ١٩٨٢) برقم (٢٥٥٧) واللفظ له.
(٥) أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم (٤/ ١٨٩٥) برقم (٥٩٨٥).

<<  <   >  >>