للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما: القول بعدمها، واستدلّ هؤلاء بعموم النّصوص الدّالّة على تقدير الأعمال وضرب الآجال.

والثّاني: القول بإثباتها، واستدلّ هؤلاء بالأحاديث الدّالّة عليها (١).

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رَحِمَهُ اللهُ: "الحقّ أنّ النّزاع لفظي، وأنّ الذي سبق في علم الله لا يتغيّر ولا يتبدّل، وأنّ الذي يجوز عليه التّغيير والتّبديل ما يبدو للنّاس من عمل العامل، ولا يبعد أن يتعلّق ذلك بما في علم الحفظة والموكلين بالآدمي، فيقع فيه المحو والإثبات كالزّيادة في العمر والنّقص، وأمّا ما في علم الله فلا محو فيه ولا إثبات، والعلم عند الله" (٢).

واختلفت أيضًا مذاهبهم في المراد بالزّيادة على مذهبين:

أحدهما: أنّ الزّيادة حقيقيّة.

والثّاني: أنّ الزّيادة مجازيّة.

والرّاجح -والله أعلم- الأوّل واعتمده جمع من المحقّقين، منهم: الإمام ابن قتيبة (٣)، وشيخ الإسلام ابن تيمية (٤)، والحافظ ابن حجر (٥)، والعلّامة مرعي الكرمي (٦)، والعلّامة الشّوكاني (٧).

يقول شيخ الإسلام رَحِمَهُ اللهُ: "والجواب المحقّق أنّ الله يكتب للعبد أجلًا في صحف الملائكة، فإذا وصل رحمه زاد في المكتوب، وإن عمل ما يوجب النّقص نقص من ذلك المكتوب" (٨).

وعليه فما ذكره ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ في زيادة العمر بالبرّ والصّلة موافق لِمَا عليه المحقّقون من أهل العلم، سوى قوله بوقوع المحو والإثبات في اللوح المحفوظ -وقد سبق تعقّب ذلك-.


(١) انظر: إرشاد ذوي العرفان (ص ٤١)، تنبيه الأفاضل (ص ١١).
(٢) فتح الباري (١١/ ٤٨٨)، وانظر: إرشاد ذوي العرفان (ص ٦٤).
(٣) انظر: تأويل مختلف الحديث (ص ٢٠٢).
(٤) انظر: مجموع الفتاوى (١٤/ ٤٩٠ - ٤٩١).
(٥) انظر: فتح الباري (١١/ ٤٨٨) (١٠/ ٤١٦).
(٦) انظر: إرشاد ذوي العرفان (ص ٦٤).
(٧) انظر: تنبيه الأفاضل (ص ٢٩).
(٨) مجموع الفتاوى (١٤/ ٤٩٠ - ٤٩١).

<<  <   >  >>