للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"وإذا أراد الله بعبد خيرًا ألهمه دعاءه والاستعانة به، وجعل استعانته ودعاءه سببًا للخير الذي قضاه له" (١).

والذي يدلّ عليه الكتاب، والسّنّة، والفطرة، والعقل، والمشاهدة، والحسّ، أنّ الدّعاء سبب من الأسباب وأنّ له تأثيرًا في المطلوب المسؤول كسائر الأسباب المقدّرة والمشروعة، والقول بذلك مذهب أهل الملل كلّهم سوى من شذّ منهم (٢).

يقول العلامة ابن أبي العز رَحِمَهُ اللهُ: "الذي عليه أكثر الخلق من المسلمين وسائر أهل الملل وغيرهم أنّ الدّعاء من أقوى الأسباب في جلب المنافع، ودفع المضار ...

وذهب قوم من المتفلسفة، وغالية المتصوفة إلى أن الدعاء لا فائدة فيه!

قالوا: لأن المشيئة: الإلهية إن اقتضت وجود المطلوب، فلا حاجة إلى الدعاء، وإن لم تقتضه، فلا فائدة في الدّعاء ...

وجواب الشّبهة: بمنع المقدمتين.

فإن قولهم عن المشيئة الإلهية إمّا أن تقتضيه أو لا، ثم قسم ثالث، وهو أن تقتضيه بشرط لا تقتضيه مع عدمه، وقد يكون الدّعاء من شرطه ...


= (٢/ ٩٧)، والحاكم في المستدرك (١/ ٤٩١) من طرق عن يُسَيْع الكندي، عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- به.
قال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (١/ ٤٩): "إسناده جيد".
(١) اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٧١٢).
(٢) انظر: شأن الدعاء للخطابي (ص ٦)، جامع الرسائل (١/ ٨٧)، منهاج السنة (٥/ ٣٦٢)، مجموع الفتاوى (٨/ ١٣٨، ١٩٢، ٥٣٠)، اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٧١٢)، زاد المعاد (٣/ ٤٨١)، مدارج السالكين (٣/ ١٠٤)، شرح الطحاوية (٢/ ٦٨٠)، دفع الشبهة والغرر للكرمي (ص ٧٤)، بحث في أن إجابة الدعاء لا تنافي سبق القضاء للشوكاني ضمن الفتح الرباني (١/ ٣٨٧)، وللاستزادة: الدعاء ومنزلته في العقيدة الإسلامية لجيلان العروسي (١/ ٣١١).

<<  <   >  >>