للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهي تعني إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة وحده لا شريك له، والبراءة من كل معبود سواه، فمعنى لا إله إلا الله لا معبود بحق إلا الله (١).

وهذا المعنى هو الذي اتفقت عليه دعوة المرسلين وشرائع النبيين، فما من رسول أرسله الله عز وجل إلا دعا قومه إليه، وحذرهم مخالفته، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)} [الأنبياء: ٢٥]، وقال سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: ٣٦].

يقول العلامة الصنعاني (٢) رحِمهُ الله في تقرير ذلك: "إن رسل الله وأنبياءه من أولهم إلى آخرهم بعثوا لدعاء العباد إلى توحيد الله بتوحيد العبادة ... وهذا الذي تضمنه قول: (لا إله إلا الله) فإنما دعت الرسل أممها إلى قول هذه الكلمة، واعتقاد معناها، لا مجرد قولها باللسان.

ومعناها: هو إفراد الله بالإلهية والعبادة، والنفي لِمَا يعبد من دونه والبراءة منه.

وهذا الأصل لا مرية فيما تضمنه، ولا شك فيه، وفي أنه لا يتم إيمان أحد حتى يعلمه ويحققه" (٣).

وبما سبق تتضح موافقة ابن حجر رحِمهُ الله أهل السنة والجماعة في معنى لا إله إلا الله.


(١) انظر: تفسير الطبري (٩/ ١٦١) (١١/ ٣١٧ - ٣١٨)، تفسير البغوي (٧/ ٢٨٥)، مجموع الفتاوى (٣/ ١٠١) (١٣/ ٢٠٢ - ٢٠٥)، تفسير ابن كثير (١/ ٢١٥)، شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (١/ ٤٤)، تجريد التوحيد المفيد للمقريزي (ص ٤٧، ٤٨)، تطهير الاعتقاد للصنعاني (ص ٥ - ٦)، محموعة الرسائل والمسائل النجدية (٢/ ١٢٠)، تيسير العزيز الحميد (ص ٧٣ - ٧٤)، فتح المجيد (١/ ١٢١)، مفتاح الجنة لا إله إلا الله للمعصومي الحنفي (ص ٦٠، ٦٢)، الكلام المنتقى مما يتعلق بكلمة التقوى لابن حجي الحنبلي (ص ١٩)، معارج القبول للحكمي (٢/ ٤١٦)، أضواء البيان (٤/ ٥٠٨) (٦/ ٢٧٣).
(٢) هو محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني، الكحلاني ثم الصنعاني، أبو إبراهيم، المعروف بالأمير، من مؤلفاته: تطهير الاعتقاد، والرد على من قال بوحدة الوجود، وسبل السلام وغيرها، توفي سنة ١١٨٢ هـ، انظر: البدر الطالع (٢/ ١٣٣)، الأعلام (٦/ ٣٨).
(٣) تطهير الاعتقاد (ص ٥ - ٦).

<<  <   >  >>