للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإرادة؛ إذ لو كان مترتبًا عليها لكان الله محتاجًا إليها في فعله منتفعًا بها.

ومن ثم قالوا بعدم تعليل أفعال الله سبحانه (١).

وذهب المعتزلة إلى إثبات الحكمة والتّعليل في أفعال الله تعالى، وقالوا: بأنّ الفعل مترتّب على الحكمة، وأجابوا عمّا أورده الأشاعرة بأنّ الحكمة تعود إلى المخلوق لا إلى الخالق فهي حكمة مخلوقة منفصلة عنه سبحانه.

ومن ثَمّ قالوا بتعليل أفعاله تعالى (٢).

وهدى الله أهل السّنّة والجماعة للقول الحقّ والسّبيل الوسط، فقالوا: بأنّ الله تعالى حكيم، ولا يخلو فعل من أفعاله تعالى عن حكمة.

والحكمة مقصودة له سبحانه، يفعل لأجلها لأنّه يحبّها ويرضاها، والفعل مترتّب عليها، وليست هي مترتّبة على الفعل وحاصلة عقيبه كما يقول الأشاعرة، ولا مخلوقة منفصلة عنه كما يقول المعتزلة (٣).

إذ الحكمة تتضمّن شيئين:

أحدهما: حكمة تعود إلى الله تعالى يحبّها ويرضاها فهي صفة له، تقوم به؛ لأنّ الله لا يوصف إلا بما قام به.

وثانيهما: حكمة تعود إلى عباده، هي نعمة عليهم يفرحون ويلتذون بها في المأمورات والمخلوقات (٤).


(١) انظر: نهاية الإقدام (ص ٣٩٧)، محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين (ص ٢٠٥)، المواقف (ص ٣٣١)، وشرحها (٨/ ٢٠٢)، شرح المقاصد (٤/ ٢٩٦)، غاية المرام (ص ٢٢٤)، تحفة المريد (ص ٩٦).
(٢) انظر: المغني (٦/ ٤٨) (١١/ ٩٢ - ٩٣)، والمختصر في أصول الدين للقاضي عبد الجبار ضمن رسائل العدل والتوحيد (١/ ٢٠٣).
(٣) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٣٧ - ٣٩، ٨١ - ٩٧، ٣٧٧)، منهاج السنة (١/ ١٤١)، بيان تلبيس الجهمية (٩٨/ ١١، ٢١٤)، مفتاح دار السعادة (٢/ ٤٢)، شفاء العليل (٢/ ٥٣٧)، لوامع الأنوار البهية (١/ ٢٨٠)، وللاستزادة: الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى للدكتور محمد بن ربيع المدخلي.
(٤) انظر: منهاج السنة (١/ ١٤١)، مجموع الفتاوى (٨/ ٣٤).

<<  <   >  >>