للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الإجماع: فقد أجمع سلف الأمة وأئمتها على إثبات صفة القرب لله تعالى، وحكاه عنهم جمع من أهل العلم، منهم: الإمام الشافعي رحمهُ اللهُ وقد سبق نقل قوله قريبًا (١)، واثنان من فضلاء أصحابه وهما: أحمد بن سريج (٢) إمام الشافعية في وقته، وشيخ الحرمين محمد بن عبد الملك الكرجي الشافعي (٣) -رحمهما الله-.

قال الإمام أحمد بن سريج بعد ذكره وجوب الإيمان بصفات الله ونقله إجماع السلف على ذلك معددًا هذه الصفات: "الفوقية ... والقرب والبعد ... وجميع ما لفظ به المصطفى -صلى الله عليه وسلم-" (٤).

وقال شيخ الحرمين أبي الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي الشافعي في سياقه للعقيدة التي أجمع عليها أهل العلم ممن أدركه: "وأن الله تعالى أول لم يزل، آخر لا يزال ... إلى سائر أسمائه وصفاته من النفس والوجه ... والقرب والدنو ... " (٥).

وقرب الرب تعالى الوارد في النصوص نوعان:

الأول: قربه اللازم من عباده بعلمه وقدرته وتدبيره، وهذا المعنى يقر به جميع المسلمين.

والثاني: قربه بنفسه من مخلوقاته قربًا لازمًا في وقت دون وقت، فهذا يثبته من يثبت قيام الصفات الاختيارية به تعالى، وينفيه من عداهم (٦).


(١) انظر: (ص ٣٤٢).
(٢) هو أحمد بن عمر بن سريج البغدادي، القاضي الشافعي، أبو العباس، من أئمة السلف، وفقهاء العراق، ذكر في ترجمته أن فهرسة كتبه كان يشتمل على أربعمائة مصنف، توفي سنة ٣٠٦ هـ، انظر: سير أعلام النبلاء (١٤/ ٢٠١)، شذرات الذهب (٢/ ٢٤٧).
(٣) هو محمد بن عبد الملك بن محمد بن أبي طالب الكرجي، أبو الحسن، من فضلاء الشافعية، سلفي المعتقد، من مؤلفاته؛ الذرائع في علم الشرائع، ومنظومة في عقيدة السلف سماها: عروس القصائد في شموس العقائد، توفي سنة: ٥٣٢ هـ. انظر: العبر للذهبي (٤/ ٨٩)، طبقات السبكي (٦/ ٩٧).
(٤) نقله عنه ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص ١٧٠).
(٥) نقله عنه شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (٤/ ١٧٥ - ١٨١).
(٦) انظر: مجموع الفتاوى (٦/ ١٣، ١٩)، وشرح حديث النزول (ص ٣٦٥).

<<  <   >  >>