للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا شك أن ما أدى إلى باطل يكون باطلًا كذلك (١).

٣ - أن هذا الطريق طريق غامض طويل، وهذا مما يعترف به أئمة الأشاعرة أنفسهم (٢)، حتى عد بعضهم أكثر المتكلمين مقلدين في عقائدهم لعدم تحصيلهم له فضلًا عن غيرهم (٣)، فالقول بوجوبه على كل مكلف وتأثيم من لم يسلكه، يلزم منه تكليف ما لا يطاق، والأشاعرة من أشد الناس إنكارًا له.

٤ - أن هذا الطريق لا يؤمن على صاحبه الفتنة - كما في كلام ابن حجر المتقدم -.

يقول الرازي - وهو من أئمتهم -: "إن الدلائل التي ذكرها المتكلمون - وإن كانت كاملة قوية - إلا أن هذه الطريقة المذكورة في القرآن عندي أقرب إلى الحق والصواب؛ وذلك لأن تلك الدلائل دقيقة، وبسبب ما فيها من الدقة، انفتحت أبواب الشبهات وكثرت السؤالات، وأما الطريق الوارد في القرآن فحاصله راجع إلى طريق واحد، وهو المنع من التعمق والاحتراز عن فتح القيل والقال ... ومن ترك التعصب وجرب مثل تجربتي علم أن الحق ما ذكرته" (٤).

ولهذا كله يقول العلامة أبو المظفر السمعاني رحِمهُ الله: "فليتدبر المسلم المسترشد أحوال هؤلاء الناظرين كيف تحيّروا في نظرهم، وارتكسوا فيه، فلئن نجا واحد بنظره فقد هلك فيه الألوف من الناس ... أفيستجيز مسلم أن يدعو الخلق إلى مثل هذا الطريق المظلم، ويجعله سبيل منجاتهم ... وكيف له المنجاة من أودية الكفر وعامتها بل جميعها إنما يهبط عليها من هذه المرقاة، أعني: طلب الحق من النظر" (٥).


(١) انظر: الصفدية (١/ ٢٧٤)، درء التعارض (١/ ٣٩ - ٤١)، مجموع الفتاوى (٦/ ٥١٩).
(٢) انظر: المستصفى للغزالي (٤/ ٥٧)، المحصول للرازي (٦/ ٤٥)، المطالب العالية له (١/ ٤٣٦).
(٣) انظر المستصفى (١/ ١٣٦).
(٤) المطالب العالية (١/ ٤٣٦).
(٥) الحجة في بيان المحجة (٢/ ١٢١).

<<  <   >  >>