للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن ابن حجر مع تقريره ما سبق في فضل لا إله إلا الله، وقوله بأفضلية التهليل على التحميد، عقد مقارنة بين الذكر بالتهليل والذكر بلفظ الجلالة فقط فقال: "ذكر لا إله إلا الله أفضل من ذكر الجلالة مطلقًا هذا بلسان أئمة الظاهر، وأما أهل الباطن فالحال يختلف باختلاف أحوال السالك، فمن هو في ابتداء أمره ومقاساته لشهود الأغيار وعدم انفكاكه عن التعلق بها وعن إرادته وشهواته وبقائه مع نفسه يحتاج إلى إدمان الإثبات بعد النفي حتى يستولي عليه سلطان الذكر وجاذب الحق المرتبة على ذلك، فإذا استولت عليه تلك الجواذب حتى أخرجته عن شهواته وإرادته وحظوظه وجميع أغراض نفسه صار بعيدًا عن شهود الأغيار والاستغراق فيما يناسب حاله من ذكر الجلالة فقط؛ لأن ذلك فيه تمام لذاته ودوام مسرته ونعمته ومنتهى أربه ومحبته ... " (١).

التقويم:

فضل كلمة التوحيد مغروس في الفطر، ومتقرر في العقول، والإحاطة ببيانه هنا متعذر.

يقول العلامة ابن رجب (٢) رحِمهُ الله: "كلمة التوحيد لها فضائل عظيمة لا يمكن هاهنا استقصاؤها؛ فلنذكر بعض ما ورد فيها: فهي كلمة التقوى ... وكلمة الإخلاص، وشهادة الحق، ودعوة الحق، وبراءة من الشرك، ونجاة هذا الأمر، ولأجلها خُلق الخلق ... " (٣).

وقد أفرد غير واحد من أهل العلم الكلام على فضائلها في مصنفات خاصة (٤)،


(١) الفتاوى الحديثية (ص ١٠٢).
(٢) هو عبد الرحمن بن أحمد بن رجب، أبو الفرج، زين الدين، السلامي، البغدادي، ثم الدمشقي، سلفي حنبلي، من مؤلفاته: جامع العلوم والحكم، فتح الباري شرح صحيح البخاري، القواعد الفقهية، توفي سنة ٧٩٥ هـ. انظر: الدرر الكامنة (٢/ ٣٢١)، شذرات الذهب (٦/ ٢٣٠).
(٣) كلمة الإخلاص له (ص ٥٢).
(٤) ممن صنف في فضائل كلمة التوحيد استقلالًا: ابن البنا الحنبلي، رسالة في فضل التهليل وثوابه الجزيل"، وابن رجب "كلمة الإخلاص"، وابن عبد الهادي "مسألة في التوحيد وفضائل لا إله إلا الله"، والمعصومي "مفتاح الجنة لا إله إلا الله".

<<  <   >  >>