للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد حكى غير واحد من أهل العلم الإجماع على اشتراط هذه الشروط في الرقى حتى تكون مشروعة، منهم الحافظ ابن حجر العسقلاني (١)، والحافظ السيوطي (٢) - رحمهما الله تعالى-.

والثاني: الرقى الممنوعة: وهي ما تخلّف فيها شرط من الشروط الثلاثة السابقة، وحكمها يختلف باختلافها فإن كانت تشتمل على الشرك أو اعتقاد كونها مؤثرة بذاتها فهي شرك أكبر، وإن كانت تشتمل على ألفاظ لا يفهم معناها فهي محرمة خشية أن تكون شركًا (٣).

وكلام ابن حجر السابق في تقسيم الرقى إلى مشروعة وممنوعة ووصف كل منهما يتضمن بعض هذه الشروط والضوابط، إلا أن المتأمل في كلامه السابق يراه عد الرقى التي تتضمن الإقسام بالأنبياء والملائكة من الرقى المشروعة مرة فقال: "وإن كانت العزيمة أو الرقيا مشتملة على أسماء الله تعالى وآياته والإقسام به وبأنبيائه وملائكته جازت قراءتها" وعدّها أخرى ممنوعة فقال: "لأنها قد تكون كفرًا، لاشتمالها على الإقسام بملك أو جني، والتعظيم له بنحو وصفه بالتأثير والألوهية" فوقع في التناقض، إلا إن حملنا كلامه الأخير على ما كان يجمع بين القسم والتعظيم.

وعلى كل حال فإن الحق الذي لا عدول عنه حرمة الحلف بغير الله وكونه شركًا -كما سيأتي- (٤) وأن الرقى التي تتضمن شيئًا من ذلك هي من الرقى الممنوعة لا المشروعة.

وأما اختلاف كلامه في الحكم على الرقى المشروعة بالجواز أو الاستحباب فهو محمول على اختلاف حكمها باختلاف متعلق الحكم نفسه،


(١) انظر: فتح الباري (١٠/ ١٩٥).
(٢) نقله عنه الشيخ سليمان بن عبد الله في تيسير العزيز الحميد (ص ١٦٧)، والشيخ عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد (١/ ٢٤٣) وبعد البحث لم أجده في شيء من كتبه.
(٣) انظر: تيسير العزيز الحميد (ص ١٦٥، ١٦٨)، فتح المجيد (١/ ٢٤١).
(٤) انظر: (ص ٢٤٢).

<<  <   >  >>