للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التقويم:

القراءة على القبور تارة تكون قراءة دائمة في كل وقت، وتارة تكون في بعض الأوقات والأحوال دون بعض.

فأما القراءة الدائمة على القبور فهي بدعة حادثة لم تكن معروفة عند السلف.

وأما القراءة في بعض الأحوال والأوقات كحين زيارتها أو دفن الميت فيها، فقد اختلف أهل العلم فيها على ثلاثة أقوال.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رَحِمَهُ اللهُ-: "لم يقل أحد من العلماء بأنه يستحب قصد القبر دائمًا للقراءة عنده؛ إذ قد علم بالاضطرار من دين الإسلام أن ذلك ليس مما شرعه النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمته.

لكن اختلفوا في القراءة عند القبور هل تكره، أم لا تكره؟

والمسألة مشهورة، وفيها ثلاث روايات عن أحمد:

إحداها: أن ذلك لا بأس به ...

والثانية: أن ذلك مكروه ... وهذه الرواية التي رواها أكثر أصحابه عنه، وعليها قدماء أصحابه الذين صحبوه ... وهي مذهب جمهور السلف، كأبي حنيفة ومالك ... ولا يحفظ عن الشافعي نفسه في هذه المسألة كلام؛ وذلك لأن ذلك كان عنده بدعة.

وقال مالك: ما علمت أحدًا يفعل ذلك، فعلم أن الصحابة والتابعين ما كانوا يفعلونه.

والثالثة: أن القراءة عنده وقت الدفن لا بأس بها ... وأما القراءة بعد ذلك ... فهذا مكروه، فإنه لم ينقل عن أحد من السلف مثل ذلك أصلا" (١).

وعليه فإن مذهب جمهور السلف كراهة القراءة على القبور، والذي


(١) اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٧٤٣ - ٧٤٤)، وانظر: الفتاوى (٢٤/ ٣١٧) (٢٤/ ٣٠١ - ٣٠٢)، والاختيارات العلمية (ص ٩١)، فتاوى اللجنة الدائمة (٩/ ٣٥، ٣٨، ٥١، ٥٢)، وأحكام الجنائز (ص ١٩١ - ١٩٣).

<<  <   >  >>