للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة، لا يخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه ...

وأما تصحيح الحاكم لمثل هذا الحديث وأمثاله، فهذا مما أنكره عليه أئمة العلم بالحديث، وقالوا: إن الحاكم يصحح أحاديث وهي موضوعة مكذوبة عند أهل المعرفة بالحديث ...

ولهذا كان أهل العلم بالحديث لا يعتمدون على مجرد تصحيح الحاكم، وإن كان غالب ما يصححه فهو صحيح، لكن هو في المصححين بمنزلة الثقة الذي يكثر غلطه، وإن كان الصواب أغلب عليه. وليس فيمن يصحح الحديث أضعف من تصحيحه ... " (١).

وعليه فالحديث معلول لا يحتج به، وكلام عامة أهل العلم فيه دائر بين الحكم بوضعه أو ضعفه الشديد.

ثانيًا: مناقشة الأدلة التي استدل بها ابن حجر على قوله باستحباب التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته:

استدل ابن حجر بحديث الضرير وحديث توسل عمر بالعباس -رضي الله عنهما- على استحباب التوسل بجاه النبي -صلى الله عليه وسلم- وحقه في حياته، وهما حديثان صحيحان، ولكنهما لا يدلان على ما ذهب إليه ابن حجر.

فأما حديث الضرير (٢) فيجاب عنه بما يلي:

١ - أن المراد بالتوسل به -صلى الله عليه وسلم- في الحديث هو التوسل بدعائه وهو


(١) قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص ١٦٨ - ١٧٠).
(٢) أخرجه الترمذي، كتاب الدعوات (٥/ ٥٦٩) برقم (٣٥٧٨)، والنسائي في السنن الكبرى، كتاب عمل اليوم والليلة ذكر حديث عثمان بن حنيف (٦/ ١٦٨ - ١٦٩) برقم (١٠٤٩٤)، وابن ماجه في سننه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الحاجة (١/ ٤٤١) برقم (١٣٨٥)، وأحمد (٢٨/ ٤٧٨) برقم (١٧٢٤٠)، والبخاري في التاريخ الكبير (٦/ ٢٠٩ - ٢١٠)، وابن خزيمة (٢/ ٢٢٥) برقم (١٢١٩)، والطبراني في الكبير (٩/ ٣١ - ٣٢) برقم (٨٣١١) والصغير (١/ ٣٠٧) برقم (٥٠٨)، والحاكم (١/ ٣١٣)، والبيهقي في دلائل النبوة (٦/ ١٦٦) من طرق عن عثمان بن حنيف -رضي الله عنه- به.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب ... ".
وقال الحاكم: "هذا حديث حسن صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

<<  <   >  >>