للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الظاهر في الفطر السليمة واللسان العربي والدين القيم ولسان السلف غير الظاهر في عرف كثير من المستأخرين" (١).

وبناء على ذلك ذهب السلف إلى أن ظاهر نصوص الصفات مراد، وذهب الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم إلى أن ظاهر نصوص الصفات غير مراد، وفرق الأشاعرة والماتريدية بينها فجعلوا ظاهر بعضها مراد وظاهر بعضها الآخر غير مراد، وهو تفريق لا وجه له؛ إذ من يقول في بعض الصفات الظاهر مراد أو غير مراد يلزمه ذلك في سائرها لأن جنسها واحد (٢).

ومما سبق يتضح أن القول بأن ظواهر نصوص الصفات غير مرادة على وجه الإطلاق ونسبة ذلك إلى السلف والخلف قول باطل؛ للاشتراك في معنى الظاهر، وللاختلاف في تعيينه.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وقد رأيت من ... يقول: إن طريقة أهل التأويل هي في الحقيقة طريقة أهل السلف، بمعنى: أن الفريقين اتفقوا على أن هذه الآيات والأحاديث لم تدل على صفات الله سبحانه، ولكن السلف أمسكوا عن تأويلها، والمتأخرين رأوا المصلحة في تأويلها، لمسيس الحاجة إلى ذلك، ويقول الفرق أن هؤلاء يعينون المراد بالتأويل، وأولئك لا يعينون لجواز أن يراد غيره، وهذا القول على الإطلاق كذب صريح على السلف" (٣).

وعليه فالحق أن ظواهر نصوص الصفات تدل على المعنى اللائق بالله عز وجل، وأنها بهذا المعنى مرادة، وأن القول بذلك هو مذهب السلف وأئمتهم؛ لموافقته لأقوالهم في نصوص الصفات من جهة، ولما يلزم القائل بأن ظواهر نصوص الصفات التمثيل من اللوازم الباطلة من جهة أخرى (٤).


(١) التسعينية (٢/ ٥٥٧).
(٢) انظر: التدمرية (ص ٧٦ - ٧٧)، الصواعق المرسلة (١/ ٢٢٠).
(٣) الحموية (ص ٥٢٨ - ٥٢٩).
(٤) انظر: الرسالة للشافعي (ص ٣٤١)، جامع بيان العلم لابن عبد البر (٢/ ١١٨)، مجموع الفتاوى (٦/ ٣٩٤)، التدمرية (ص ٦٩)، الحموية (ص ٥٢٦ - ٥٢٨)، الصواعق المرسلة =

<<  <   >  >>