للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١] " (١).

وعليه فالأصابع صفة ثابتة لله تعالى على ما يليق بجلال الله سبحانه وعظمته، والقول: بذلك هو مذهب عامة أهل السنة والجماعة (٢)، وأما صرفها عن ظاهرها المراد، وابتغاء تأويلها، وحملها على أنواع المجازات، فهو مذهب المتكلمين من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة والماتريدية على اختلاف بينهم في تأويلها (٣).

وما ذكره ابن حجر -غفر الله له- من تأويل صفة الأصابع لله تعالى بإرادة المخلوق للخير والشر أحد هذه الأوجه، وهو باطل من وجوه، منها:

١ - أن تفسير الأصابع بإرادة المخلوق تأويل، والتأويل بهذا المعنى في نصوص الصفات باطل -كما سبق- (٤).

٢ - أن صرف لفظ الأصابع عن ظاهره المتبادر منه الحامل عليه اعتقاد كونه يوجب المماثلة وهو باطل -كما سبق- (٥).

٣ - أن الأحاديث الواردة في صفة الأصابع لله تعالى تنافي هذا التأويل من طريقين:

أ- أن الأحاديث الواردة كلها تؤكد أن المراد بها حقيقتها؛ إذ لم يرد في شيء منها ما يدل على أن المراد بها غير ظاهرها.

ب- أن الأحاديث الواردة في ذلك منها ما لا يمكن حمله على إرادة المخلوق للخير والشر كحديث ابن مسعود -رضي الله عنه- السابق (٦).


(١) انظر: شرح السنة (١/ ١٦٨ - ١٧٠).
(٢) انظر: رد الدارمي على بشر (١/ ١٦٨ - ١٧٠)، التوحيد لابن خزيمة (١/ ١٨٧)، الشريعة للآجري (٣/ ١١٥٦)، الحجة في بيان المحجة لقوام السنة (٢/ ٢٩٠)، تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة (ص ٢٠٨).
(٣) انظر: فتح الباري (٨/ ٥٥١) (١٣/ ٣٩٨) (١٣/ ٤٧٧) فقد استوعب الحافظ ابن حجر أقوالهم فيها.
(٤) انظر: (ص ٢٩٧).
(٥) انظر: (ص ٢٩٣).
(٦) انظر: رد الدارمي على بشر (١/ ٣٧١)، التوحيد لابن خزيمة (١/ ٢٠٠).

<<  <   >  >>