للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن قال: مَألْكًا فهو مَفْعل، من ألكت إليه آلك، إذا أرسلت إليه مألَكه وألوكًا ...

فسميت الملائكة ملائكة بالرسالة، لأنها رسل الله بينه وبين أنبيائه، ومن أرسلت إليه من عباده" (١).

وقد ورد في كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - مما يبين حقيقة الملائكة، ويوضح أوصافهم، آيات كثيرة، وأحاديث متعددة.

فمن الكتاب: قوله تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: ٧٥].

وقوله سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١)} [فاطر: ١].

ومن السُّنَّة: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خلقت الملائكة من نور" (٢).

فالملائكة خلق من خلق الله تعالى، خلقهم لعبادته، واصطفاهم لقربه، واختصهم بتدبير أمره، وجعلهم سفراءه ورسله إلى خلقه.

وقد بَيّن ابن حجر - رَحِمَهُ الله - حقيقة الملائكة، وشيئًا من صفاتهم فقال: "ومما يجب الإيمان به الملائكة: وهم أجسام من العناصر الأربعة لكن غلبت عليها النور، فنطقت، وتشكلت بالأشكال المختلفة، وقدرت على الأعمال التي لا يطيقها غيرهم، وكملت علمًا وعملًا، وعصمت من المخالفات، ولم تفتر عما سخرت له من الطاعة والقيام بمصالح العباد، ولا يوصفون بذكورة ولا أنوثة، ولهم من الكثرة ما لا يحيط بها إلا خالقها" (٣).

هذا وقد عرض ابن حجر في كلامه عن الملائكة لجملة من المسائل؟ كمعنى الإيمان بهم، وما يتضمنه، والمفاضلة فيما بينهم، والمفاضلة بينهم وبين صالحي البشر، وعصمتهم.

وفيما يلي عرض رأيه في هذه المسائل مع التعقيب عليها بتقويمها.


(١) تفسير ابن جرير (١/ ١٣٤ - ١٣٥).
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب في أحاديث متفرقة (٤/ ٢٢٩٤) برقم (٢٩٩٦) من حديث عائشة - رضي الله عنها - به.
(٣) التعرف (ص ١١٨ - ١١٩).

<<  <   >  >>