للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثالث: السكوت وعدم القطع فيها بقول (١).

هذه هي أهم الأقوال في المسألة، وقد احتج أصحاب كل قول بأدلة، ورد عليهم الآخرون بما يرد عليها (٢).

والتحقيق: هو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية - رَحِمَهُ الله - حيث قال: "بأن صالحي البشر أفضل باعتبار كمال النهاية، والملائكة أفضل باعتبار البداية، فإن الملائكة الآن في الرفيق الأعلى، منزهون عما يلابسه بنو آدم، مستغرقون في عبادة الرب، ولا ريب أن هذه الأحوال الآن أكمل من أحوال البشر، وأما يوم القيامة بعد دخول الجنة، فيصير حال صالحي البشر أكمل من حال الملائكة" (٣).

قال ابن القيم معقبًا على ذلك: "وبهذا التفصيل يتبين سر التفضيل، وتتفق أدلة الفريقين، ويصالح كل منهم على حقه، فعلى المتكلم في هذا الباب أن يعرف أسباب الفضل أولًا، ثم درجاتها ونسبة بعضها إلى بعض، والموازنة بينها ثانيًا، ثم نسبتها إلى من قامت به ثالثًا كثرة وقوة، ثم اعتبار تفاوتها بتفاوت محلها رابعًا، فرب صفة هي كمال الشخص، وليست كمالًا لغيره، بل كمال غيره بسواها، فكمال خالد بن الوليد بشجاعته وحروبه، وكمال ابن عباس بفقهه وعلمه، وكمال أبي ذر بزهده وتجرده عن الدنيا، فهذه أربعة مقامات يضطر إليها المتكلم في درجات التفضيل، وتفضيل الأنواع على الأنواع أسهل من تفضيل الأشخاص على الأشخاص، وأبعد عن الهوى والغرض" (٤).


(١) انظر: شعب الإيمان للبيهقي (١/ ١٨٢)، شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (٢/ ٤٢٣)، فتح القدير للشوكاني (١/ ٥٤٢) (٣/ ٢٢ - ٢٣، ٢٤٤).
(٢) انظر: المحلى (١/ ١٣)، والفصل (٥/ ١٥ - ١٧)، مجموع الفتاوى (٤/ ٣٥٠ - ٣٩٢)، الاستغاثة لشيخ الإسلام (٢/ ٦٣٤)، بدائع الفوائد (١/ ٧٠)، شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (٢/ ٤١٠ - ٤٢٣)، فتح الباري (١٣/ ٣٨٦ - ٣٨٨)، الحبائك (ص ٢٠٣ - ٢٢٦)، لوامع الأنوار البهية (٢/ ٣٦٨)، وللاستزادة: مباحث المفاضلة في العقيدة د. محمد الشظيفي (ص ٣٥٤ - ٣٦٠)، معتقد فرق المسلمين في الملائكة (ص ٢٠٥ - ٢٠٩).
(٣) مجمع الفتاوى (٤/ ٣٤٣).
(٤) بدائع الفوائد (٣/ ٦٨٤).

<<  <   >  >>