للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما ما اشتمل عليه من الباطل، فيمكن إجماله ومناقشته فيما يلي:

١ - قوله بأن الكتب هي كلام الله القديم بذاته؛ ووجه كون كلامه هذا باطلًا، أن وصف القدم إما أن يريد به الكلام الذي هو صفته سبحانه، أو الكتب التي تضمنت ذلك الكلام، وعلى كلا التقديرين فكلامه باطل؛ لأن كلام الله تعالى الذي هو صفته من حيث هو قديم النوع حادث الآحاد فإطلاق القدم عليه مطلقًا لا يصح إلا على قول الأشاعرة ومن وافقهم من أن كلام الله تعالى معنى قائم بنفسه سبحانه - وقد تقدم مناقشته والرد عليه - وأما وصف كتبه سبحانه بكونها كلامه القديم أو أنها قديمة فمما لا يعرف عن السلف - رحمهم الله - وأول من عرف عنه أنه أطلق القدم على القرآن هو عبد الله بن كلاب.

وهاتان المسألتان - أعني: وصف كلام الله ووصف كتبه بالقدم - متلازمتان، وكل واحدة منهما فرع عن الأخرى.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رَحِمَهُ الله -: "وكما لم يقل أحد من السلف [يعني: عن القرآن] إنه مخلوق، فلم يقل أحد منهم إنه قديم، لم يقل واحدًا من القولين أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان ولا من بعدهم من الأئمة الأربعة ولا غيرهم ... وأول من عرف أنه قال هو قديم عبد الله بن سعيد بن كلاب، ثم افترق الذين شاركوه في هذا القول.

فمنهم من قال: الكلام معنى واحد قائم بذات الرب ...

ومنهم من قال: هو حروف أو حروف وأصوات قديمة أزلية ...

وكلا الحزبين يقول: إن الله تعالى لا يتكلم بمشيئته وقدرته ... " (١).

٢ - قوله بأن الكتب هي كلام الله المنزه عن الحرف والصوت - وقد تقدم الرد على ذلك وبيان مخالفته لمعتقد أهل السنة والجماعة بما يغني عن إعادته - (٢).

٣ - قوله بأن ألفاظ الكتب حادثة أي: مخلوقة - وقد تقدم الرد عليه كسابقه - (٣).


(١) مجموع الفتاوى (١٢/ ٣٠١)، وانظر: (١٢/ ٥٨٩ - ٥٩٠).
(٢) انظر: (ص ٣٣٥).
(٣) انظر: (ص ٣٣٠).

<<  <   >  >>