للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيهما: أنهما متغايران (١).

والقول بالمغايرة بينهما، وثبوت الفرق فيهما هو قول الجمهور، وإن اختلفوا في تحديد وجهه (٢).

والقول بذلك هو ما قرره ابن حجر رحمه الله حيث قال في تعريف النبي والرسول: "هو ذكر حر من بني آدم أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه، فإن أمر به فرسول أيضًا وإن لم يكن له كتاب ولا نسخ" (٣).

ويشكل على ما ذكره ابن حجر رحمه الله في الفرق بين النبي والرسول ثبوت الإرسال في حق النبي، وحصول الكتمان بعدم البلاغ.

يقول العلامة الشنقيطي رحمه الله: "آية الحج تبين أن ما اشتهر على ألسنة أهل العلم من أن النبي هو من أوحي إليه وحي ولم يؤمر بتبليغه، وأن الرسول هو النبي الذي أوحي إليه وأمر بتبليغ ما أوحي إليه غير صحيح؛ لأن قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} [الحج: ٥٢] يدل على أن كلًّا منهما مرسل، وأنهما مع ذلك بينهما تغاير" (٤).

ولهذا فإن أصح التعاريف وأسلمها من الاعتراضات -فيما يظهر لي- تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث يقول: "النبي هو الذي ينبئه الله، وهو ينبئ بما أنبأ الله به، فإن أرسل مع ذلك إلى من خَالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله إليه فهو رسول، وأما إذا كان إنما يعمل بالشريعة قبله ولم يرسل هو إلى أحد يبلغه عن الله رسالة، فهو نبي وليس برسول ... " (٥).


(١) انظر: أعلام الحديث للخطابي (١/ ٢٩٨)، والمنهاج للحليمي (١/ ٢٣٩)، والدرة فيما يجب اعتقاده لابن حزم (ص ٣٨٠)، والفصل له (٥/ ١١٩ - ١٢٠)، والنبوات لابن تيمية (٢/ ٧١٤)، شرح الطحاوية (١/ ١٥٥)، ولوامع الأنوار البهية (١/ ٤٩)، أضواء البيان (٥/ ٧٣٥)، وللاستزادة كتاب النبي والرسول د. أحمد بن ناصر الحمد.
(٢) انظر: المصادر السابقة.
(٣) فتح الجواد (١/ ٩)، وانظر: تحفة المحتاج (١/ ١٤)، المنهاج القويم (ص ٩)، فتح المبين (ص ١١، ١٨، ٢٠٢)، المنح المكية (١/ ١١٧)، التعرف (ص ١١٦)، الإيعاب (١/ ٢٦)، البدائع الجليلة (ل ١١)، العمدة شرح البردة (ص ٢٢٦).
(٤) أضواء البيان (٥/ ٧٣٥).
(٥) النبوات (٢/ ٧١٤).

<<  <   >  >>