للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين الأنبياء" (١)، فهي إما قبل علمه بالتفضيل، أو على تفضيل يؤدي إلى تنقيص أو إلى نقص مقام أحدهم، وعليهما يدل سياق الحديث، أو على التفضيل في ذات النبوة والرسالة، فإنهم كلهم مشتركون في ذلك، لا يتفاوتون فيه، وإنما يتفاوتون في زيادة الأحوال والمعارف والخصوصيات والكرامات.

وزعم حملها على التفضيل بآرائنا ليس في محله؛ لأن تفضيل ذلك بالرأي المحض مجمع على منعه، وبالدليل الدال عليه لا وجه لمنعه.

وأما الحديثان الصحيحان: "ما ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس ابن متى" (٢)، "من قال: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب" (٣). فحكمة التخصيص فيها بيونس نفي توهم التفاوت بينهما في القرب من الحق لاختلاف محلهما الصوري برفع نبينا -صلى الله عليه وسلم- إلى قاب قوسين، ونزول يونس إلى قعر البحر، أي: لا تتوهموا من هذا التفاوت الصوري تفاوتًا في القرب والبعد من الله تعالى، بل نسبة كل إليه واحدة، وإن تفاوت مكاناهما ... " (٤).

ويقرر ابن حجر أفضلية نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- على من سواه، فيقول: "وهو أفضل المخلوقين كلهم بشهادة قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أنا سيد الناس يوم القيامة". رواه البخاري (٥) ....


(١) أخرجه البخاري، كتاب الخصومات، باب ما يذكر في الأشخاص والملازمة (٢/ ٧١٩)، برقم (٢٤١٢)، ومسلم، كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى -صلى الله عليه وسلم- (٤/ ١٨٤٥)، برقم (٢٣٧٤)، من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- به.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٩)} (٢/ ١٠٦٠) برقم (٣٤١٣)، ومسلم، كتاب الفضائل، باب ذكر يونس عليه السلام (٤/ ١٨٤٦) برقم (٢٣٧٧)، من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- به.
(٣) أخرجه البخاري، كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٩)} (٢/ ١٠٦١) برقم (٣٤١٥)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- بنحوه.
(٤) المنح المكية (١/ ١٢٢)، وانظر: فتح المبين (ص ١٩)، والفتاوى الحديثية (ص ٢٠٣، ٢٥٣، ١٧٦)، الدر المنضود (ص ١٠٠)، تحفة المحتاج (١/ ١٤)، أشرف الوسائل (ص ٧٧).
(٥) سبق تخريجه (ص ٢٨٤).

<<  <   >  >>