للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اتفاق أهل العلم على ذلك، فلم يعتد بخلاف من خالف (١).

وذهب عكرمة (٢) إلى أنه كان نبيًّا، وعد هذا غير واحد من تفرده (٣)، إلا أنه قد نقل عن الشعبي والليث (٤) ما يوافقه (٥)، ولم أجد قوليهما -بعد البحث- مسندين.

وقال بعض أهل العلم: خير بين النبوة والحكمة فاختار الحكمة (٦)، ورد بأن في هذا بُعدًا بيّنًا، وذلك أن الحكمة تنحط عن أدنى درجات الأنبياء بما لا يُقدَّر قدره، وليس من الحكمة اختيار الحكمة المجردة على النبوة (٧).

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "اختلف السلف في لقمان هل كان نبيًّا أو عبدًا صالحًا من غير نبوة؟ على قولين، الأكثرون على الثاني ...

والآثار منها ما هو مصرح فيه بنفي كونه نبيًّا، ومنها ما هو مشعر بذلك؛ لأن كونه عبدًا قد مسه الرق ينافي كونه نبيًّا، لأن الرسل كانت تُبعث في أحساب قومها؛ ولهذا كان جمهور السلف على أنه لم يكن نبيًّا، وإنما ينقل كونه نبيًّا عن عكرمة إن صح السند إليه، فإنه رواه ابن جرير (٨) وابن أبي حاتم (٩) من حديث وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن عكرمة قال: كان لقمان نبيًّا، وجابر هذا هو ابن يزيد الجعفي، وهو ضعيف، والله أعلم" (١٠).


(١) انظر: تفسير البغوي (٦/ ٢٨٦)، شرح صحيح مسلم (٢/ ١٤٤).
(٢) هو عكرمة القرشي الهاشمي مولاهم، أبو عبد الله، مولى لابن عباس، من أعلام التابعين ومفسريهم، توفي: سنة ١٠٧ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء (٥/ ١٢)، شذرات الذهب (١/ ١٣٠).
(٣) انظر: شرح صحيح مسلم (٢/ ١٤٤)، فتح الباري (٦/ ٤٦).
(٤) هو الليث بن سعد بن عبد الرحمن، مولى خالد بن ثابت، إمام حافظ مفسر، توفي سنة ١٧٥ هـ، انظر: سير أعلام النبلاء (٨/ ١٣٦)، شذرات الذهب (١/ ٢٨٥).
(٥) انظر: تفسير بن أبي حاتم (٩/ ٣٠٩٨)، تفسير السمعاني (٤/ ٢٢٩)، تفسير القرطبي (١٤/ ٥٩).
(٦) انظر: تفسير السمعاني (٤/ ٢٢٩)، تفسير البغوي (٦/ ٢٨٦)، تفسير القرطبي (١٤/ ٥٩).
(٧) انظر: الانتصاف على الكشاف لابن المنير (٢/ ١٩٤).
(٨) انظر: التفسير له (١٠/ ٢١٠).
(٩) انظر: التفسير له (٩/ ٣٠٩٨).
(١٠) تفسير ابن كثير (٣/ ٤٨٨).

<<  <   >  >>