للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آخرون: بأنها تزيد على ألف ومائتين (١)، وقال غيرهم: بأنها تبلغ ثلاثة آلاف (٢).

ووازن غير واحد منهم بين معجزاته -صلى الله عليه وسلم- ومعجزات غيره من الأنبياء وبينوا ما اختصه الله تعالى به من مشاركته لهم في معجزاتهم، وتفوقه عليهم بظهور معجزاته (٣)، ومن أوائلهم الإمام الشافعي رحمه الله حيث روي عنه أنه قال: "ما أعطى الله نبيًّا ما أعطى محمدًا". فقيل له: أعطي عيسى إحياء الموتى؟ فقال: "أعطي محمد -صلى الله عليه وسلم- حنين الجذع الذي كان يقف يخطب إلى جنبه حتى هيئ له المنبر، فلما هيئ له المنبر حن الجذع حتى سمع صوته، فهذا أكبر من ذلك" (٤).

وعليه فما قرره ابن حجر رحمه الله من كون نبينا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- أعطي معجزات الأنبياء قبله، وفاقهم بما اختص به عددًا وإعجازًا موافق لما قرره أهل العلم.

وأما ما ذكره من تقسيم معجزاته -صلى الله عليه وسلم- بحسب زمن وقوعها قبل النبوة، وبعدها، وبعد وفاته، فهو تقسيم معتبر (٥).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "من آيات الأنبياء ما كان قبل ولادتهم، وقبل إنبائهم، وما يكون بعد موتهم؛ فإن الآية هي دليل على صدق الخبر بأنه رسول الله، وهذا الدليل لا يختص لا بمكان ولا زمان" (٦).


(١) انظر: شرح صحيح مسلم (١/ ٢).
(٢) انظر: فتح الباري (٦/ ٥٨٣).
(٣) انظر: دلائل النبوة لأبي نعيم (ص ٥٨٧ - ٦٢٥)، الشفا (١/ ٥٢٥ - ٥٢٨)، الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام للقرطبي (ص ٣٤٨)، البداية والنهاية (٦/ ٢٩١)، الخصائص الكبرى (٢/ ٣٠٤)، المواهب اللدنية للقسطلاني (٢/ ٥٨٤).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في مناقب الشافعي (ص ٨٣)، وأبو نعيم في الحلية (٩/ ١١٦)، من طريق عمرو بن سوَّاد عن الشافعي به.
(٥) انظر: النبوات (٢/ ٧٩٤، ٨٥٢)، الجواب الصحيح (٦/ ٣٨٠)، وقد جرى عليه أبو نعيم والبيهقي في سياقهما لدلائله -صلى الله عليه وسلم-.
(٦) النبوات (٢/ ٧٩٤).

<<  <   >  >>