للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتمييز الصالح المذكور عن غيره بيِّن لا خفاء فيه؛ إذ ليست السيما كالسيما، ولا الآداب كالآداب، وغير الصالح لو لبس ما عسى أن يلبس لابد أن يرْشح من نتن فعله أو قوله ما يميزه عن الصالح" (١).

التقويم:

اختلف الناس في الخوارق هل هي جنس واحد أم لا؟

فذهب أهل السنة والجماعة إلى أنها ليست من جنس واحد (٢)، وفرقوا بينها بما سيأتي.

وذهب المعتزلة والأشاعرة إلى أنها من جنس واحد، ثم اختلفوا فأثبت المعتزلة المعجزات ونفوا ما عداها (٣)، وأثبت الأشاعرة الجميع واضطربوا في الفرق بينها (٤).

وما ذكره ابن حجر - غفر الله له - في الفرق بين الكرامة والمعجزة بناه على مذهبه الأشعري؛ حيث حصر الفرق بينهما في دعوى النبوة ودلالة كل منهما، دون اختلافهما في قدر خرق العادة وهو أظهر، لأن جمهور الأشاعرة يقولون باستوائها وأن كل ما جاز خرقه للنبي جاز للولي (٥).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في معرض الرد عليهم: "أصلهم أن ما يأتي به النبي والساحر والكاهن والولي من جنس واحد، لا يتميز بعضه عن بعض بوصف، لكن خاصة النبي اقتران الدعوى، والاستدلال والتحدي بالمثل بما يأتي به.

فلم يجعلوا لآيات الأنبياء خاصة تتميز بها عن السحر، والكهانة، وعما يكون لآحاد المؤمنين، ولم يجعلوا للنبي مزية على عموم المؤمنين، ولا على السحرة والكهان من جهة الآيات التي يدل الله بها العباد على صدقه ...


(١) الفتاوى الحديثية (ص ٣٩٩)، وانظر: المنح المكية (٣/ ١٤٦٧).
(٢) انظر: النبوات (١/ ٥٢٦، ٦٠٦) (٢/ ١٠٤٠).
(٣) انظر: المغني (١٥/ ٢٤١ - ٢٤٣)، أعلام النبوة (ص ٦٢)، الكشاف (٤/ ١٥٠).
(٤) انظر: البيان عن الفرق بين المعجزات والكرامات (ص ٩١، ٩٦)، الإرشاد (ص ٢٦٩)، المواقف (ص ٣٤٦)، شرح المقاصد (٥/ ١١، ٧٢ - ٧٤).
(٥) انظر: أصول الدين للبغدادي (١٧٤ - ١٧٥)، الإرشاد (ص ٢٦٩)، المواقف (ص ٣٤٠).

<<  <   >  >>