للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل: يحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - لأن بعثته من أشراط الساعة وعلاماتها" (١).

التقويم:

نفي المدينة شرارها من أشراط الساعة الصغرى، والمراد به: إخراج المدينة النبوية الشريفة من سكنها وهو خبيث ونفيها له (٢).

واختلف أهل العلم في زمن وقوعه:

فمنهم من قال بأن هذا مختص بزمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه لم يكن يصبر على الهجرة والمقام بالمدينة إلا من ثبت إيمانه.

ومنهم من قال بأن هذا مختص بزمن الدجال (٣).

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: "يحتمل أن يكون المراد كلًّا من الزمنين، وكان الأمر في حياته - صلى الله عليه وسلم - كذلك للسبب المذكور، ويؤيده قصة الأعرابي ... فإنه - صلى الله عليه وسلم - ذكر هذا الحديث معللًا به خروج الأعرابي وسؤاله الإقالة عن البيعة (٤).

ثم يكون ذلك أيضًا في آخر الزمان عندما ينزل بها الدجال فترجف بأهلها فلا يبقى منافق ولا كافر إلا خرج إليه ...

وأما ما بين ذلك فلا" (٥).

وبهذا التقرير يظهر أن ما ذكره ابن حجر في معنى نفي المدينة شرارها وزمن وقوع ذلك اجتهاد منه لا يوافق عليه، فإن القول بعموم ذلك في الأزمنة المتفرقة لا يصح.

وقوله في احتمال خروجهم منها بسبب توجه أهل الطاعة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) فتح الإله بشرح المشكاة (ص ٣٤٣).
(٢) انظر: الإشاعة (ص ٥٢)، إتحاف الجماعة (٢/ ١٧٣)، وللاستزادة: أشراط الساعة للوابل (ص ٢٢٥).
(٣) انظر: شرح صحيح مسلم (٩/ ١٥٤)، فتح الباري (٤/ ٨٨)، الإشاعة (ص ٥٢).
(٤) القصة أخرجها البخاري، كتاب فضائل المدينة، باب المدينة تنفي الخبث (٢/ ١٠٠٦) برقم (١٣٨٣) من حديث جابر - رضي الله عنه -.
(٥) فتح الباري (٤/ ٨٨).

<<  <   >  >>