للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما ما ذكره ابن حجر عن القرطبي من كون عدم قبول التوبة خاصًا بمنكر ذلك دون غيره فهو باطل؛ لعموم النصوص وعدم المخصص.

وسياق القرطبي لذلك يدل على احتماله له دون قطعه به؛ فإنه قال: "والملحدة والمنجمة عن آخرهم ينكرون ذلك ويقولون: هو غير كائن؛ فيطلعها الله تعالى يومًا من المغرب ليُري المنكرين قدرته أن الشمس في ملكه ... وعلى هذا يحتمل أن يكون رد التوبة والإيمان على من آمن وتاب من المنكرين لذلك المكذبين لخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بطلوعها، فأما المصدقون لذلك فإنه تقبل توبتهم وينفعهم إيمانهم قبل ذلك" (١).

وأما ما نقله ابن حجر عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - من كون الناس يبقون بعد طلوع الشمس من مغربها مائة وعشرين سنة واعتراضه عليه بقول الحافظ السخاوي الذي أبهمه بقوله: "وقيل: إن صح يحتاج إلى تأويل".

فقد أخرجه ابن أبي شيبة (٢)، ونعيم بن حماد (٣) (٤) من طريق وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي خيثمة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - به.

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: "رفع هذا لا يثبت، وقد أخرجه عبد بن حميد في تفسيره بسند جيد عن عبد الله بن عمرو موقوفًا، وقد ورد عنه ما يعارضه ...

ويمكن الجواب عنه بأن المدة ولو كانت كما قال عشرين ومائة سنة لكنها تمر مرورًا سريعًا كمقدار مرور عشرين ومائة شهر من قبل ذلك، أو


(١) التفسير (٧/ ١٤٨)، وانظر: التذكرة (٢/ ٥٨٨).
(٢) انظر: المصنف (١٥/ ١٧٩).
(٣) هو نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث، أبو عبد الله، الخزاعي المروزي، سلفي محدث، طعن عليه في حفظه، من مؤلفاته: الفتن، والرد على الجهمية، وغيرها، توفي سنة ٢٢٨ هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (١٠/ ٥٩٥)، شذرات الذهب (٢/ ٦٧).
(٤) انظر: الفتن (٢/ ٦٥٦، ٧٠٢).

<<  <   >  >>