للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٠٧)} [هود: ١٠٧] فظاهره أن مدة عقابهم مساوية لمدة بقاء السموات والأرض إلا ما شاء الله من هذه المدة فلا يكونون خالدين فيها، وقد أوله العلماء بنحو عشرين وجهًا يرجع بعضها إلى حكمة التقييد بدوام السموات والأرض، وبعضها إلى حكمة الاستثناء ومعناه ...

وقوله: {أَحْقَابًا} لا يقتضي أن له نهاية؛ لأن العرب يعبرون به وبنحوه عن الدوام.

ولا ظلم في ذلك؛ لأن الكافر كان عازمًا على الكفر ما دام حيًّا فعوقب دائمًا، فهو لم يعاقب بالدائم إلا على دائم فلم يكن عذابه إلا جزاء وفاقًا" (١).

"ويرد ما نقله -يعنى: ابن تيمية- عن الحسن قول غيره ... قال العلماء: قال ثابت: سألت الحسن عن هذا فأنكره.

والظاهر أن هؤلاء الذين ذكرهم لم يصح عنهم من ذلك شيء وعلى التنزل بمعنى كلامهم -كما قاله العلماء- ليس فيها أحد من عصاة المؤمنين، أما مواضع الكفار فهي ممتلئة بهم لا يخرجون عنها أبدًا كما ذكره الله تعالى في آيات كثيرة" (٢).

"واعلم أن التقييد والاستثناء في أهل الجنة ليس المراد بهما ظاهرهما باتفاق الكل، لقوله تعالى: {غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود: ١٠٨] فيؤول بنظير ما مر، ويكون المراد بها إذا جعلناها بمعنى من أهل الأعراف وعصاة المؤمنين الذين لم يدخلوها إلا بعد" (٣).

وقد نقل ابن حجر القول بفناء النار عن شيخ الإسلام ابن تيمية، وعده من جملة ما خالف به الناس، وخرق به الإجماع (٤).


(١) الزواجر (١/ ٣٦ - ٣٧).
(٢) المصدر السابق (١/ ٣٧).
(٣) المصدر السابق (١/ ٣٨)، وانظر: الفتاوى الحديثية (ص ١٦٥، ١٦٦، ٢٣٤، ٢٥٧).
(٤) انظر: الفتاوى الحديثية (ص ١٥٨ - ١٥٩).

<<  <   >  >>