للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"واعلم أنّ الإيمان بالقدر على قسمين:

أحدهما: الإيمان بأنّه تعالى سبق في علمه ما يفعله العباد من خير وشرّ وما يجازون عليه، وأنّه كتب ذلك عنده وأحصاه وأنّ أعمال العباد تجري على ما سبق في علمه وكتابه.

ثانيهما: أنه تعالى خلق أفعال عباده كلّها من خير وشرّ، وكفر وإيمان ... " (١).

التّقويم:

الإيمان بالقضاء والقدر هو الرّكن السّادس من أركان الإيمان التي لا يصحّ إيمان العبد إلا بها، وهو يتضمّن أربعة أمور:

الأول: الإيمان بأن الله تعالى علم بكلّ شيء جملة وتفصيلًا، أزلًا وأبدًا، سواء كان ذلك مِمّا يتعلّق بأفعاله أو بأفعال عباده.

الثاني: الإيمان بأنّ الله كتب ذلك في اللوح المحفوظ.

وفي هذين الأمرين يقول الله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧٠)} [الحج: ٧٠].

وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السّماوات والأرض بخمسين ألف سنة" (٢).

الثالث: الإيمان بأن جميع الكائنات لا تكون إلا بمشيئة الله تعالى، سواء كانت مما يتعلّق بفعله أم مما يتعلّق بفعل المخلوقين.

قال الله تعالى فيما يتعلّق بفعله: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَار} [القصص: ٦٨]، وقال: {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: ٢٧]، وقال: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} [آل عمران: ٦].

وقال تعالى فيما يتعلّق بفعل المخلوقين: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ


(١) فتح المبين (ص ٧٣).
(٢) أخرجه مسلم، كتاب القدر، باب احتجاج آدم وموسى عليهم السلام (٤/ ٢٠٤٤) برقم (٢٦٥٣).

<<  <   >  >>