للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يجب الرّضا به بل قد لا يجوز، ومن ثَمّ استعاذ منه -صلى الله عليه وسلم-، بخلافه على المعنى الأوّل فإنّه يجب الرّضا به ... " (١).

وقال أيضًا: "أمّا المقضي فقد يجب الرّضا به إن وجب، وقد يندب إن نُدِب، ويُباح إن أبيح، ويُكره إن كُره، ويحرم إن حرم.

فمن قُضي عليه بمعصية إن لاحظها من حيث كونها كسبه لزمه أن يكرهها، أو من حيث كونها قضاء الله وخلقه لزمه أن يرضى بها لئلا يسفه الرّبوبيّة بقوله: لِمَ فَعَل هذا بي وأنا لا أستحقّه؟ أو نحوه ... " (٢).

التّقويم:

الرّضا: ضدّ السّخط، والسّخط: الكراهية للشّيء.

يقول ابن فارس: "الرّاء والضّاد والحرف المعتلّ أصل واحد، يدلّ على خلاف السّخط، تقول: رضي يرضى رضًا، وهو راضٍ، ومفعوله مرضيٌّ عنه" (٣).

والمراد به هنا: التّسليم بالقضاء، والقناعة بما قُسم، والسّكون إلى الله، وحمده على ما قضاه، وترك ما ينافي ذلك (٤).

وقد وردت الآيات والأحاديث بالحثّ على الرّضا بالقضاء، والحضّ عليه.

قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٢١٦)} [البقرة: ٢١٦].


(١) أسنى المطالب (ص ٣٥).
(٢) المصدر السابق (ص ٣٥ - ٣٦).
(٣) معجم مقاييس اللغة (ص ٤٠٦)، وانظر: تهذيب اللغة (٢/ ١٤٢٠)، الصحاح (٦/ ٢٣٥٧)، لسان العرب (١٤/ ٣٢٣)، القاموس المحيط (ص ١٦٦٢).
(٤) انظر: الرضا عن الله بقضائه لابن أبي الدنيا (ص ٥٨، ٧٦)، شعب الإيمان للبيهقي (٧/ ٢٢٧)، مجموع الفتاوى (١٠/ ٤٣)، مدارج السالكين (٢/ ١٧٥)، جامع العلوم والحكم (١/ ٤٨٨)، لوامع الأنوار البهية (١/ ٣٥٩).

<<  <   >  >>