للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاختياريّة وأفعالهم الاضطراريّة (١).

والمعتزلة القدريّة ومن وافقهم قالوا بالمتعلّق الثّاني دون الأوّل فنفوا خلق الله لأفعال العباد، وقالوا بأنّ العباد هم الذين خلقوا أفعالهم، وأثبتوا قدرة العباد المطلقة على أفعالهم (٢).

ورامت الأشعريّة التّوسّط بين الجبريّة والقدريّة فأحدثت نظريّة الكسب، وحارت أفهامهم في تصوّرها، واضطربت أقوالهم في التّعبير عنها (٣).

وحاصلها أنّ الكسب هو الاقتران العادي بين قدرة العبد الحادثة وفعله الواقع بقدرة الله وجدها (٤).

وبناء على ذلك قالوا: إنّ أفعال العباد خلق لله وكسب للعباد، وليس لقدرة العبد المخلوقة فيه أثر في فعله، ولكن الفعل يحدث عندها لا بها (٥).

والمتأمّل في كلام ابن حجر -عفا الله عنه- المتقدّم يظهر له موافقته لهم على قولهم.

والرّدّ على الكسب الأشعري، وبيان بطلانه يطول، فأكتفي بطرف منه:


(١) انظر: مقالات الإسلاميين (١/ ٣٣٨)، الملل والنحل للشهرستاني (١/ ٨٧)، الفرق بين الفرق (ص ٢١١)، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص ١٠٣).
(٢) انظر: المغني (٨/ ٨، ١٦، ٤٣) (٩/ ٩٥)، المحيط بالتكليف (ص ٣٤٠)، شرح الأصول الخمسة (ص ٣٣٦) وما بعدها، إنقاذ البشر من الجبر والقدر لعلي بن الحسين الكاظم المرتضى ضمن رسائل العدل (١/ ٢٥٦ - ٣٠٥).
(٣) انظر: أصول الدين للبغدادي (ص ١٣٣)، الإرشاد (ص ١٨٨)، الملل والنحل للشهرستاني
(١/ ٩٧)، القضاء والقدر للرازي (ص ٧٧)، المواقف (ص ٣١١)، وشرحها للجرجاني (٨/ ١٤٥)، غاية المرام (ص ٢٢٣)، شرح المقاصد (٤/ ٢٦٣)، تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد (ص ١٠٤ - ١٠٦).
(٤) نقله ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ في شفاء العليل (١/ ٣٦٨) عن بعض متأخري الأشاعرة دون تعيينه، واستحسنه في بيان قولهم وتلخيص اختلافهم.
(٥) انظر: أصول الدين للبغدادي (ص ١٣٣)، الإرشاد (ص ١٨٨)، الملل والنحل للشهرستاني (١/ ٩٧)، القضاء والقدر للرازي (ص ٧٧)، المواقف (ص ٣١١)، وشرحها للجرجاني (٨/ ١٤٥)، غاية المرام (ص ٢٢٣)، شرح المقاصد (٤/ ٢٦٣)، تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد (ص ١٠٤ - ١٠٦).

<<  <   >  >>