للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كثيرًا (١)، وأجمع ما رأيته من أقوالهم فيها قول الحافظ السيوطي رحمه اللهُ فإنه عرفها بقوله: "هي ملكة - أي: هيئة راسخة في النفس - تمنع من اقتراف كبيرة، أو صغيرة دالة على الخسة، أو مباح يخل بالمروءة".

ثم أعقب ذلك بقوله: "وهذه أحسن عبارة في حدها" (٢).

والصحابة - رضي الله عنهم - قوم اختارهم الله لصحبة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ونصرته، وتبليغ شرعه وإعلاء كلمته، وكلهم - رضي الله عنهم - عدول، قد تحققت فيهم صفة العدالة، وظهر فيهم معناها على ما مرّ ذكره في تعريفها.

يقول الحافظ العلائي - رضي الله عنهم -: "الذي ذهب إليه جمهور السلف والخلف أن العدالة ثابتة لجميع الصحابة - رضي الله عنهم - وهي الأصل المستصحب فيهم إلى أن يثبت بطريق قاطع ارتكاب واحد منهم لِمَا يوجب الفسق مع علمه، وذلك مما لم يثبت صريحًا عن أحد منهم - بحمد الله - فلا حاجة إلى البحث عن عدالة من ثبت له الصحبة ولا الفحص عنها بخلاف من بعدهم" (٣).

والأدلة على ذلك متظافرة:

"أحدها: ثناء الله عليهم، ومدحه إياهم، ووصفه لهم بكل جميل ...

الثاني: ثناء النبي - صلى الله عليه وسلم - وإخباره بما منحهم الله تعالى من كونهنم خير القرون من أمته وأفضلها، وأن أحدًا ممن يأتي بعدهم لا يبلغ أدنى جزء من شأنهم ولو أنفق ملء الأرض ذهبًا في سبيل الله ...

الثالث: الإجماع على ذلك ممن يعتد به ... فإنه لم يخالف في عدالة الصحابة من حيث الجملة أحد من أهل السنة" (٤).

وما ذكره الحافظ العلائي - رَحِمَهُ اللهُ - من ثبوت الإجماع منقول عن جماعة من أهل العلم، منهم: الخطيب البغدادي (٥)، وابن عبد البر (٦)،


(١) انظر: الكفاية في علوم الحديث للخطيب (ص ١٠٢).
(٢) الأشباه والنظائر (ص ٤١٣).
(٣) تحقيق منيف الرتبة (ص ٦٠).
(٤) تحقيق منيف الرتبة (ص ٦٢ - ٧٨).
(٥) انظر: الكفاية في علم الرواية (ص ٦٧).
(٦) انظر: الاستيعاب (١/ ١٢٩).

<<  <   >  >>