للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والماتريدية وبخاصة المتأخرون منهم، حتى صار ذلك علامة عليهم تميزهم عن أهل السنة والجماعة.

يقول العلامة أبو المظفر السمعاني (١) - رَحِمَهُ اللَّه -: "اعلم أن فصل ما بيننا وبين المبتدعة هو مسألة العقل، فإنهم أسّسوا دينهم على المعقول، وجعلوا الاتباع والمأثور تبعًا للمعقول" (٢).

وشبهة هؤلاء على اختلافهم أن العقل هو الذي دل على صحة النقل، وذلك بمعرفة الله وصدق الرسول، فلو قدم النقل على العقل لكان في ذلك تقديم للفرع على الأصل، ولكان فيه إبطال للأصل، وإذا بطل الأصل الدال على الفرع بطل بالتالي الفرع المترتب عليه، وقد ذكر هذا المعنى كثير من أهل الكلام بعبارات متنوعة، وأساليب مختلفة (٣).

وقد قرر - ابن حجر - عفا الله عنه - ذلك في كتبه، وفرّع عليه جملة من المسائل العقدية.

حيث قال: "وكالنص، حكم العقل القطعي، فالاعتقاد المستند إليه صحيح، وإن لم يرد فيه نص، بل لو ورد النص بخلافه، وجب تأويل النص إليه، كآيات الصفات وأحاديثها؛ إذ ظاهرها محال على الله عقلًا، فوجب صرفها عنه بتأويلها بما يوافق العقل" (٤).


= (ص ٥٣)، الملل والنحل للشهرستاني (١/ ٤٣)، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص ٢٧)، البرهان (ص ٤٩).
(١) هو منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد التميمي السمعاني، أبو المظفر، الحنفي ثم الشافعي، أصولي مفسر سلفي، له مصنفات منها: تفسيره المشهور، والقواطع في أصول الفقه، والانتصار لأهل الحديث، توفي سنة ٤٨٩ هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (١٩/ ١١٤)، شذرات الذهب (٣/ ٣٩٣).
(٢) نقله عنه السيوطي في صون المنطق (ص ١٨٢).
(٣) انظر: شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار (ص ٢١٢، ٢٣٣، ٢٦٢، ٢٢٦)، الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد للجويني (ص ٣٠١)، معالم أصول الدين للرازي (ص ٢٤)، غاية المرام للآمدي (ص ٢٠٠)، المسامرة شرح المسايرة لابن أبي شريف (ص ٩٩).
(٤) المنح المكية (٢/ ٨٦٨).

<<  <   >  >>