للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس الخلاف فيمن يأتي بإذن شاء الله شاكًا في ثبوت الإيمان له حالًا؛ لأنه كافر بل هو فيمن هو جازم به حالًا غير أن بقاءه على الموت عليه غير معلوم له.

ووجه جوازه:

أنه ليس القصد بالاستثناء فيه إلا التبرك، اتباعًا لقوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (٢٤)} [الكهف: ٢٣، ٢٤]، فإنه يَعم طلب الاستثناء حتى في قطعي الحصول، وقد صرح به فيه، في {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} [الفتح: ٢٧]، مع أن خبره تعالى قطعي الصدق تعليمًا وتأديبًا لعباده في صرف الأمور كلها إلى مشيئته ...

وأن المعتبر في النجاة هو الموت على الإيمان، وهذا غير معلوم وهو أمر مستقبل فصح ربطه بها لا تعليقًا بل تبركًا واتباعًا وخوفًا من سوء الخاتمة.

وأما توجيه منعه بأن تركه أبعد عن التهمة بعدم الجزم به في الحال الذي هو كفر، وبتقدير أنه قصد غير التعليق فربما اعتادت نفسه التردد في الإيمان لكثرة إشعار النفس بواسطة الاستثناء بترددها في ثبوت الإيمان واستمراره.

فجوابه: أنه لا تهمة مع القرائن القطعية بانتفائها، وأيضًا إشعار اللفظ بما مرّ إنما هو بالنظر للتعليق وليس الكلام فيه؛ إذ الغرض أنه إنما قصد التبرك لِمَا مرّ، على أنه لو فرض أنه أطلق فلم يقصد تعليقًا ولا تبركًا فالذي يظهر أنه لا إثم عليه أيضًا؛ لأن الغرض أنه جازم بالإيمان في الحال، وإيهام لفظه تدفعه قرائن أحواله" (١).

التقويم:

المراد بالاستثناء في الايمان: قول الرجل مجيبًا لمن سأله: أمؤمن أنت؟ إن شاء الله، ونحوها من العبارات التي تشعر بعدم القطع (٢).


(١) فتح المبين (ص ٧٨ - ٧٩).
(٢) انظر: الإيمان لشيخ الإسلام (ص ٤١٠).

<<  <   >  >>