للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وثالثها: التفصيل في ذلك، وهو قول أهل السنة والجماعة (١).

قالوا: والمعتبر في ذلك إرادة المستثني وما قام بقلبه.

فإن أراد باستثنائه الشك في إيمانه، مُنع من الاستثناء بغير خلاف.

وإن أراد باستثنائه عدم تحصيله الإيمان المطلق، أو خوفًا من تزكية نفسه، جاز له الاستثناء (٢).

يقول العلامة ابن أبي العز رحمه الله: "الاستثناء في الإيمان ... الناس فيه على ثلاثة أقوال: طرفان ووسط، منهم من يوجبه، ومنهم من يحرمه، ومنهم من يجيزه باعتبار ويمنعه باعتبار، وهذا أصح الأقوال" (٣).

وعليه فما قرره ابن حجر رحمه الله في هذه المسألة موافق لقول أهل السنة والجماعة، إلا أنه يؤخذ عليه ما يلي:

١ - عزوه ذلك إلى المتكلمين من الكلابية والأشاعرة، والصواب أنه قول لبعضهم؛ إذ جمهورهم على القول بوجوبه -كما سبق-.

٢ - تعليله ذلك بالتبرك والموافاة، وهذا التعليل فيه نظر.

فأما الاستثناء باعتبار التبرك فهو متعقب بأن الأصل في الاستثناء أن يكون للمستقبل دون الماضي أو الحاضر، والمخبر بقوله أنا مؤمن إن شاء الله يريد الماضي والحاضر لا المستقبل، والاستثناء فيها بقصد التبرك يلزم منه طرده في كل خبر، وهو لا يعرف عن السلف.

وأما الاستثناء باعتبار الموافاة فهو متعقب بأن القول بذلك لم يعرف عن أحد من السلف -رحمهم الله-.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "أما مذهب السلف أصحاب


(١) انظر: السنة لعبد الله (١/ ٣٠٧)، الإيمان لأبي عبيد (ص ٦٧)، الإبانة الكبرى (٢/ ٨٦٢)، الشريعة (٢/ ٦٥٦)، السنة للخلال (٣/ ٥٩٣)، شرح أصول اعتقاد أهل السنة (٥/ ٩٧٦)، الاقتصاد في الاعتقاد (ص ١٨٣)، مجموع الفتاوى (٧/ ٤٣٨ - ٤٣٩، ٥٠٥، ٦٦٦)، شرح الطحاوية (ص/٤٩٨)، لوامع الأنوار البهية (١/ ٤٣٥).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٧/ ٤٣٨ - ٤٣٩، ٤٤٧، ٦٦٨)، شرح الطحاوية (٢/ ٤٩٨)، لوامع الأنوار البهية (١/ ٤٣٥).
(٣) شرح الطحاوية (٢/ ٤٩٤ - ٤٩٥).

<<  <   >  >>