للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والكفر، وحكمه في الدنيا حكم باقي المسلمين (١).

وذهب المرجئة إلى أن مرتكب الكبيرة مؤمن كامل الإيمان، وأنه في الآخرة من أهل الجنة إذا مات موحدًا مؤمنًا وإن زنى وسرق وقتل، وقال المرجئة الخالصة منهم: لا يضر مع الإيمان معصية، كما لا تنفع مع الكفر طاعة (٢).

وتوسط أهل السنة والجماعة وهم الوسط الخيار، فقالوا: إن مرتكب الكبيرة مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، وأن حكمه في الدنيا حكم بقية المسلمين، وهو في الآخرة إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له (٣).

يقول الإمام الصابوني رحمه الله: "ويعتقد أهل السنة أن المؤمن وإن أذنب ذنوبًا كثيرة، صغائر وكبائر؛ فإنه لا يكفر بها، وإن خرج عن الدنيا غير تائب منها ومات على التوحيد والإخلاص؛ فإن أمره إلى الله عز وجل إن شاء عفا عنه وأدخله الجنة يوم القيامة سالمًا غانمًا غير مبتلى بالنار، ولا معاقبًا على ما ارتكبه واكتسبه ثم استصحبه إلى يوم القيامة من الآثام والأوزار، وإن شاء عاقبه وعذبه مدة بعذاب النار، وإذا عذبه لم يخلده فيها بل أعتقه وأخرجه منها إلى نعيم دار القرار" (٤).

وقد نقل إجماع أهل السنة والجماعة على ذلك غير واحد من أهل العلم (٥).

وعليه فما رجحه ابن حجر رحمه الله في هذه المسألة وحكاه عن أهل السنة والجماعة من القول بأن مرتكب الكبيرة مؤمن لإيمانه فاسق بكبيرته، وهو في الآخرة تحت مشيئة الله تعالى، وتبريهم من قولي الوعيدية والمرجئة موافق لِمَا قرروه.


(١) انظر: شرح الأصول الخمسة (ص ٦٩٧، ٧٠١، ٧١٢)، المنية والأمل (ص ٦).
(٢) انظر: التنبيه والرد (ص ١٥٥)، الملل والنحل (١/ ١٣٩ - ١٤٠)، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص ١٠٨)، البرهان (ص ٣٣).
(٣) انظر: شرح السنة للبربهاري (ص ٧٣)، شرح أصول اعتقاد أهل السنة (١/ ١٦٢، ١٧٥، ١٧٦)، الشرح والإبانة (ص ٢٦٥)، شرح السنة للبغوي (١/ ١٠٣)، عقيدة السلف وأصحاب الحديث (ص ٢٧٦)، مجموع الفتاوى (٣/ ١٥١، ٣٧٤) (٤/ ٣٠٧)، شرح الطحاوية (٢/ ٥٢٤).
(٤) عقيدة السلف وأصحاب الحديث (ص ٢٧٦).
(٥) انظر: الشرح والإبانة (ص ٢٦٥)، رسالة إلى أهل الثغر (ص ٢٧٤)، شرح السنة للبغوي (١/ ١٠٣).

<<  <   >  >>