للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الحافظ ص ابن حجر العسقلاني رحمه الله: "التحقيق أن الحديث سيق لزجر المسلم عن أن يقول ذلك لأخيه المسلم ... وقيل: معناه رجعت عليه نقيصته لأخيه ومعصية تكفيره، وهذا لا بأس به، وقيل: يُخشى عليه أن يؤول به ذلك إلى الكفر كما قيل: المعاصى بريد الكفر فيخاف على من أدامها وأصر عليها سوء الخاتمة.

وأرجح الجميع أن يقال: من قال ذلك لمن لا يعرف منه إلا الإسلام ولم يقم له شبهة في زعمه أنه كافر، فإنه يكفر بذلك ..

فمعنى الحديث: فقد رجع عليه تكفيره، فالراجع التكفير لا الكفر فكأنه كفر نفسه؛ لكونه كفّر من هو مثله، ومن لا يكفره إلا كافر يعتقد بطلان دين الإسلام" (١).

وقد ذكر الفقهاء من شتى المذاهب في كتبهم كتاب المرتد، وبينوا فيه من الأحكام المترتبة على الردة ما يؤكد خطورة التكفير، وضرورة الاحتياط في الحكم به (٢).

"ولهذا كان أهل العلم والسنة لا يكفرون من خالفهم، وإن كان ذلك المخالف يكفرهم، لأن الكفر حكم شرعي، فليس للإنسان أن يعاقب بمثله" (٣).

وبما سبق يتضح صحة ما قرره ابن حجر رحمه الله من خطورة التكفير بغير حق، وضرورة الاحتياط في الحكم به، وحكم من قال لأخيه: يا كافر أو يا عدو الله.


(١) فتح الباري (١٠/ ٤٦٦).
(٢) انظر: بدائع الصنائع للكاساني (٧/ ١٣٤)، فتح القدير لابن الهمام (٦/ ٩١)، جامع الأمهات لابن الحاجب (ص ٥١٢)، الذخيرة للقرافي (١٢/ ١٣)، روضة الطالبين (٧/ ٢٨٣)، كنز الراغبين شرح منهاج الطالبين للمحلي (٤/ ٢٦٧)، الفروع لابن مفلح (٦/ ١٦٤)، كشاف القناع للبهوتي (٦/ ١٦٧).
(٣) الرد على البكري (١/ ٣٨١).

<<  <   >  >>