للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اتصف بها، وثم أخر من جنسها لم يكفروه بها، والفرق بين الأمرين أن التي جزموا بكفره بها لعدم التأويل المسوغ وعدم الشبهة المقيمة لبعض العذر، والتي فصلوا فيها القول، لكثرة التأويلات الواقعة فيها" (١).

وقد ساق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله جملة من المسائل التي يعذر بالتأويل فيها فيقاس عليها نحوها (٢).

وعليه فما قرره ابن حجر رحمه الله من الإعذار بالتأويل والمنع من التكفير مع وجوده موافق لقول أهل السنة والجماعة إلا أنه يؤخذ عليه إطلاقه الإعذار به دون تقييد ذلك بالتأويل المقبول أو السائغ.

رابعها: الإكراه:

والمراد به هنا: التلبس والوقوع في الكفر من غير قصد له بسبب الإلزام به.

ولا خلاف بين أهل العلم في أن أعمال القلوب ليست محلًا للإكراه؛ ولهذا أصبحت سلامتها شرطًا لصحة الإعذار به في قوله عز وجل: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} [النحل: ١٠٦] وأن محل الإكراه أعمال الجوارح من الأقوال والأعمال.

واختلفوا في الإعذار بالإكراه فيهما هل هو خاص بالأقوال دون الأعمال أم هو عام فيهما، والصحيح ما عليه الجمهور من القول بالعموم؛ لعموم الأدلة، ويستثنى من ذلك القتل للإجماع على عدم الإعذار بالإكراه فيه، والزنى على خلاف (٣).

وضابط الإكراه المعتبر الإعذار به شرعًا والمانع من التكفير ما استجمع شروطًا أربعة:


(١) الإرشاد في معرفة الأحكام (ص ٢٠٩).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٢٠/ ٣٣ - ٣٦).
(٣) انظر: تفسير القرطبي (١٠/ ١٨٢)، الفتاوى الكبرى (١/ ٥٦)، جامع العلوم والحكم (٢/ ٣٧٠ - ٣٧١)، فتح الباري (١٢/ ٣١٤)، فتح القدير للشوكاني (٣/ ١٩٧).

<<  <   >  >>