للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعليه فما قرره ابن حجر - غفر الله له - من تقسيم البدعة إلى حسنة وسيئة باطل، والرد عليه من طريقين:

أحدهما، النقض: بأن يقال:

أولًا: أن متعلق البدعة يقتضي القول ببطلان ذلك بنفسه؛ لأنه من باب مضادة الشارع واطّراح الشرع، وكل ما كان بهذه المثابة، فمحال أن ينقسم إلى حسن وقبيح، وأن يكون منه ما يمدح، ومنه ما يذم؛ إذ لا يصح في معقول ولا منقول استحسان مشاقة الشارع (١).

ثانيًا: أن القول بذلك يفتح باب الابتداع على مصراعيه، ولا يمكن معه رد أي بدعة؛ لأن كل صاحب بدعة سيدعي أن بدعته حسنة.

ثالثًا: أن قول ابن حجر - غفر الله له - بذلك مناقض لِمَا قرره قبل من كون التحسين والتقبيح شرعيين لا عقليين (٢).

رابعًا: أن ما احتج به ابن حجر - عفا الله عنه - على قوله لا يصح، وبيان ذلك فيما يلي:

١ - أن الأمثلة التي ساقها للبدعة الحسنة وقرر عمل الأمة بها، وادعى أنها لم تعهد في الصدر الأول لا تسلم له؛ إذ الأربطة والمدارس وكتابة القرآن وتصنيف الكتب ونحوها من أعمال البر مسبوقة بالصفة ودار الأرقم وكتابة القرآن والحديث في الصدر الأول، وهي أصل مشروعيتها (٣).

"وسائر العلوم الخادمة للشريعة فإنها وإن لم توجد في الزمان الأول فأصولها موجودة في الشرع ... فعلى هذا لا ينبغي أن تسمى ... بدعة أصلًا" (٤).

٢ - أن فعل عمر - رضي الله عنه - وقوله لا يدل على ما ذهب إليه ابن حجر، وذلك من وجهين:


= في البدع لابن وضاح (ص ٢٥) وما بعدها، جزء في اتباع السنن واجتناب البدع للضياء المقدسي (ص ٣١) وما بعدها، التمسك بالسنن والتحذير من البدع للذهبي (ص ٩٣) وما بعدها، الأمر بالاتباع والنهي عن الإبداع للسيوطي (ص ٥٧) وما بعدها.
(١) انظر: الاعتصام (١/ ١٤٢).
(٢) انظر: (ص ٦٠١).
(٣) انظر: جامع العلوم والحكم (٢/ ١٣١)، حوار مع المالكي للمنيع (ص ١٠٤).
(٤) الاعتصام (١/ ٣٨ - ٣٩).

<<  <   >  >>