للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (١) - رَحِمَهُ اللَّهُ -: "لم أدرك أحدًا من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى ليلة النصف من شعبان، ولم ندرك أحدًا منهم يذكر حديث مكحول (٢) ولا يرى لها فضلًا على ما سواها من الليالي.

وقال: والفقهاء لم يكونوا يصنعون ذلك" (٣).

وعليه فما قرره ابن حجر - رَحِمَهُ اللَّهُ - من القول ببدعية الصلاة الألفية ليلة النصف من شعبان هو الحق الذي لا محيد عنه؛ وذلك لما يلي:

أولًا: أنها بدعة حادثة بعد انقضاء القرون الثلاثة المفضلة المشهود لها بالخيرية، فلم يفعلها الصحابة ولا التابعون ولا أتباعهم مع قيام المقتضي وعدم المانع، ولو كانت مشروعة لسبقونا إليها (٤).

ثانيًا: أن الأحاديث الواردة في تقرير مشروعيتها وبيان فضلها أحاديث باطلة لا تصح، اتفق الأئمة على وضعها (٥).

ثالثًا: أن هذه الصلاة مخالفة للسنة من جهة صفتها، وعدد ركعاتها، وما يقرأ فيها.


(١) هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العُمري المدني، صاحب قرآن وتفسير، من مؤلفاته: التفسير، والناسخ والمنسوخ، توفي سنة ١٨٢ هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (٨/ ٣٤٩)، شذرات الذهب (١/ ٢٩٧).
(٢) مكحول بن أبي مسلم شهراب بن شاذان، المشهور بمكحول الدمشقي، من أعلام التابعين وعلماء التفسير، توفي سنة ١١٢ هـ، وقيل غير ذلك.
انظر: طبقات ابن سعد (٧/ ٤٥٣)، سير أعلام النبلاء (٥/ ١٥٥).
(٣) أخرجه ابن وضاح في البدع والنهي عنها (ص ١٠٠) برقم (١١٩) من طريق هارون بن سعيد، عن ابن وهب، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم - رحمهم الله جميعًا - به.
وهو بهذا الإسناد صحيح.
(٤) انظر: الحوادث والبدع (ص ١٣٢)، الباعث على إنكار البدع والحوادث (ص ١٢٤)، مجموع الفتاوى (٢٣/ ١٣١، ١٣٣، ١٣٤)، اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٦٢٨)، المنار المنيف (ص ٩٨)، الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع (ص ١٧٦).
(٥) انظر: الموضوعات (٢/ ١٢٧ - ١٣٠)، مجموع الفتاوى (٢٣/ ١٣١)، المنار المنيف (ص ٩٨)، اللآلئ المصنوعة (٢/ ٥٧ - ٦٠)، تنزيه الشريعة (٢/ ٩٣)، الفوائد المجموعة (ص ٥١)، الأسرار المرفوعة (ص ٣٩٦).

<<  <   >  >>