وَجُرْمُهُ كِبَرًا وَصِغَرًا وَعَتْقُهُ أَوْ حَدَاثَتُهُ وَشُرِطَ فِي عَسَلِ نَحْلٍ مَكَانُهُ كَجَبَلِيٍّ وَزَمَانُهُ كَصَيْفِيٍّ وَلَوْنُهُ كَأَبْيَضَ.
(وَ) الثَّالِثُ: أَنْ (لَا يَكُونَ) الْمُسَلَّمُ فِيهِ (مُعَيَّنًا) بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا لِأَنَّ لَفْظَ السَّلَمِ مَوْضُوعٌ لَهُ، فَلَوْ أَسْلَمَ فِي مُعَيَّنٍ كَأَنْ قَالَ: أَسْلَمْت إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْعَبْدِ فَقَبِلَ لَمْ تَنْعَقِدْ سَلَمًا لِانْتِفَاءِ الدَّيْنِيَّةِ، وَلَا بَيْعًا لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ.
(وَ) الرَّابِعُ: أَنْ (لَا) يَكُونَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ (مِنْ) مَوْضِعٍ (مُعَيَّنٍ) لَا يُؤْمَنُ انْقِطَاعُهُ فِيهِ، فَلَوْ أَسْلَمَ فِي تَمْرِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ بُسْتَانٍ أَوْ ضَيْعَةٍ أَيْ فِي قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ بِجَائِحَةٍ وَنَحْوِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ السَّلَمِ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ وَهُوَ كَذَلِكَ. أَمَّا إذَا أَسْلَمَ فِي تَمْرِ نَاحِيَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ عَظِيمَةٍ صَحَّ لِأَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ غَالِبًا.
(وَ) الْخَامِسُ: (أَنْ يَكُونَ) الْمُسَلَّمُ فِيهِ (مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ) لِأَنَّهُ بَيْعُ شَيْءٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ. وَيُشْتَرَطُ فِيهِ لَفْظُ السَّلَمِ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَلَيْسَ لَنَا عَقْدٌ يَخْتَصُّ بِصِيغَةٍ إلَّا هَذَا وَالنِّكَاحُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَوْنِ السَّلَمِ بَيْعًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُسْلِمَ الْكَافِرُ فِي الرَّقِيقِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَنَّ الصَّبْغَ إنْ كَانَ تَمْوِيهًا وَلَمْ يَسُدَّ فَرْجَهُ جَازَ السَّلَمُ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا. وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْمَلْبُوسِ لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ.
قَوْلُهُ: (وَشُرِطَ فِي تَمْرٍ إلَخْ) وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي التَّمْرِ الْمَكْنُوزِ فِي الْقَوَاصِرِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالْعَجْوَةِ لِتَعَذُّرِ اسْتِقْصَاءِ صِفَاتِهِ الْمُشْتَرَطَةِ حِينَئِذٍ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَبْقَى عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ غَالِبًا كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. اهـ. م ر.
قَوْلُهُ: (كَبَرْنِيِّ) نَوْعٌ مِنْ أَجْوَدِ التَّمْرِ قَالَ ح ل فِي السِّيرَةِ وَالْبَرْنِيُّ بِالْفَارِسِيَّةِ جَمَلٌ مُبَارَكٌ أَوْ جَيِّدٌ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ نَقَلَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّهُ أَعْجَمِيٌّ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ جَمَلٌ مُبَارَكٌ قَالَ بَرُّ جَمَلٌ وَنِيٌّ جَيِّدٌ وَأَدْخَلَتْهُ الْعَرَبُ فِي كَلَامِهَا وَتَكَلَّمَتْ بِهِ وَالْبَرْنِيُّ مِنْ أَنْوَاعِ التَّمْرِ بِالْمَدِينَةِ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ أَنَّهَا مِائَةٌ وَعِشْرُونَ نَوْعًا. وَفِي تَارِيخِ الْمَدِينَةِ الْكَبِيرِ لِلسَّيِّدِ السَّمْهُودِيِّ أَنَّ أَنْوَاعَ التَّمْرِ بِالْمَدِينَةِ الَّتِي أَمْكَنَ جَمْعُهَا بَلَغَتْ مِائَةً وَبِضْعًا وَثَلَاثِينَ؛ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: اخْتَبَرْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا أَكْثَرَ مِمَّا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ. قَالَ: وَلَعَلَّ مَا زَادَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَأَمَّا أَنْوَاعُ التَّمْرِ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ كَالْمَغْرِبِ فَلَا تَكَادُ تَنْحَصِرُ، فَقَدْ نُقِلَ عَنْ عَالِمِ فَاسَ مُحَمَّدِ بْنِ غَازِيٍّ أَرْسَلَ إلَى عَالِمِ سِجِلْمَاسَةَ إبْرَاهِيمَ بْنِ هِلَالٍ سَأَلَهُ عَنْ حَصْرِ أَنْوَاعِ تَمْرِ الْبَلْدَةِ، فَأَرْسَلَ إلَيْهِ حِمْلًا أَوْ حِمْلَيْنِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ تَمْرَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَتَبَ إلَيْهِ: هَذَا مَا تَعَلَّقَ بِهِ عِلْمُ الْفَقِيرِ {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل: ١٨] وَقَدْ رُوِيَ: «عَلَيْكُمْ بِالتَّمْرِ الْبَرْنِيِّ فَكُلُوهُ فَإِنَّهُ يُسَبِّحُ فِي شَجَرِهِ وَيَسْتَغْفِرُ لِآكِلِهِ» .
قَوْلُهُ: {وَعَتْقُهُ} بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَضَمِّهَا ضِدُّ الْحَدَاثَةِ.
قَوْلُهُ: (كَجَبَلِيٍّ) هُوَ أَطْيَبُ وَالْخَرِيفِيُّ أَطْيَبُ مِنْ الصَّيْفِيِّ. اهـ دَمِيرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (أَنْ يَكُونَ دَيْنًا) فِيهِ أَنَّ هَذَا جُزْءٌ مِنْ حَقِيقَةِ السَّلَمِ لِأَنَّهُ بَيْعُ شَيْءٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ، فَكَيْفَ عَدَّهُ مِنْ الشُّرُوطِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.
قَوْلُهُ: (مَوْضُوعٌ لَهُ) أَيْ لِلدَّيْنِ.
قَوْلُهُ: (لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ) لِأَنَّ السَّلَمَ يَقْتَضِي الدَّيْنِيَّةَ وَالدَّيْنِيَّةُ مَعَ التَّعْيِينِ مُتَنَاقِضَانِ، عَنَانِيٌّ
قَوْلُهُ: (لَا يُؤْمَنُ انْقِطَاعُهُ) بِأَنْ كَانَ يَخَافُ انْقِطَاعَهُ. وَلَمَّا كَانَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّهُ مَتَى كَانَ مِنْ مُعَيَّنٍ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا قَيَّدَهُ الشَّارِحُ بِمَا ذَكَرَ قَوْلَهُ: (فِي تَمْرِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ) لَوْ قَالَ فِي تَمْرِ قَرْيَةٍ قَلِيلٍ كَمَا فِي مَتْنِ الْمَنْهَجِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِكَثْرَةِ التَّمْرِ وَقِلَّتِهِ لَا بِصِغَرِ الْقَرْيَةِ وَكِبَرِهَا.
قَوْلُهُ: (أَوْ ضَيْعَةٍ) الْمُرَادُ بِهَا مَا فِيهِ ثِمَارٌ مِنْ الْعَقَارَاتِ كَالدُّورِ. وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: وَالضَّيْعَةُ هِيَ الْعَقَارُ وَجَمْعُهَا ضِيَاعٌ كَكَلْبَةٍ وَكِلَابٍ وَسُمِّيَتْ ضَيْعَةً لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَضِيعُ بِتَرْكِهَا.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ بِجَائِحَةٍ وَنَحْوِهَا) فَلَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَذَلِكَ غَرَرٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ. وَهَذَا التَّعْلِيلُ قَاصِرٌ عَلَى الْمُؤَجَّلِ وَتَعْلِيلُهُ لِلْحَالِّ، هُوَ أَنَّهُ قَدْ لَا يُوجَدُ الْقَدْرُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِّ.
قَوْلُهُ: (فِي تَمْرِ نَاحِيَةٍ) أَيْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ أَمَّا إذَا أَسْلَمَ فِي كُلِّهِ، فَلَا يَصِحُّ لِلْقَطْعِ بِتَلَفِ شَيْءٍ مِنْهُ
قَوْلُهُ: (وَالْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذَا الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْرِيفِهِ، لِأَنَّهُ بَيْعُ شَيْءٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ، وَالْكَلَامُ فِي الشُّرُوطِ الزَّائِدَةِ عَلَى شُرُوطِ الْبَيْعِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
قَوْلُهُ: (إلَّا هَذَا) فِيهِ أَنَّ لَهُ صِيغَتَيْنِ: أَسْلَمْتُك، وَأَسْلَفْتُك. وَكَذَا النِّكَاحُ لَهُ صِيغَتَانِ: النِّكَاحُ، وَالتَّزْوِيجُ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ