للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسْلِمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَمِثْلُ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ الرَّقِيقُ الْمُرْتَدُّ.

(ثُمَّ لِصِحَّةِ) عَقْدِ (الْمُسَلَّمِ فِيهِ) حِينَئِذٍ (ثَمَانِيَةُ شَرَائِطَ) الْأَوَّلُ: (أَنْ يَصِفَهُ بَعْدَ ذِكْرِ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ بِالصِّفَاتِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الثَّمَنُ) اخْتِلَافًا ظَاهِرًا وَيَنْضَبِطُ بِهَا الْمُسَلَّمُ فِيهِ، وَلَيْسَ الْأَصْلُ عَدَمَهَا لِتَقْرِيبِهِ مِنْ الْمُعَايَنَةِ. وَخَرَجَ بِالْقَيْدِ الْأَوَّلِ مَا يُتَسَامَحُ بِإِهْمَالِ ذِكْرِهِ كَالْكَحَلِ وَالسِّمَنِ فِي الرَّقِيقِ، وَبِالثَّانِي مَا لَا يَنْضَبِطُ كَمَا مَرَّ، وَبِالثَّالِثِ كَوْنُ الرَّقِيقِ قَوِيًّا عَلَى الْعَمَلِ أَوْ ضَعِيفًا أَوْ كَاتِبًا أَوْ أُمِّيًّا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ وَصْفٌ يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا مَعَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.

(وَ) الثَّانِي (أَنْ يَذْكُرَ قَدْرَهُ) أَيْ الْمُسَلَّمَ فِيهِ (بِمَا يَنْفِي الْجَهَالَةَ عَنْهُ) مِنْ كَيْلٍ فِيمَا يُكَالُ أَوْ وَزْنٍ فِيمَا يُوزَنُ لِلْحَدِيثِ الْمَارِّ. أَوَّلَ الْبَابِ، أَوْ عَدٍّ فِيمَا يُعَدُّ، أَوْ ذَرْعٍ فِيمَا يُذْرَعُ قِيَاسًا عَلَى مَا قَبْلَهُمَا. وَيَصِحُّ سَلَمُ الْمَكِيلِ وَزْنًا وَالْمَوْزُونِ الَّذِي يَتَأَتَّى كَيْلُهُ كَيْلًا، وَحَمَلَ الْإِمَامُ إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ جَوَازَ كَيْلِ الْمَوْزُونِ عَلَى مَا يُعَدُّ الْكَيْلُ فِي مِثْلِهِ ضَابِطًا فِيهِ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُسَلَّمَ. فِي فُتَاتِ الْمِسْكِ وَنَحْوِهِ كَيْلًا. وَقِيلَ: يَصِحُّ كَاللَّآلِئِ الصِّغَارِ. وَفُرِّقَ بِكَثْرَةِ التَّفَاوُتِ فِي الْمِسْكِ وَنَحْوِهِ بِالثِّقَلِ عَلَى الْمَحَلِّ وَتَرَاكُمِهِ بِخِلَافِ اللُّؤْلُؤِ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ تَفَاوُتٌ كَالْقَمْحِ وَالْفُولِ: وَاسْتَثْنَى الْجُرْجَانِيِّ وَغَيْرُهُ النَّقْدَيْنِ أَيْضًا، فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِمَا إلَّا بِالْوَزْنِ، وَيُشْتَرَطُ الْوَزْنُ فِي الْبِطِّيخِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِقَوْلِهِ " بِصِيغَةٍ " أَيْ بِجِنْسِ الصِّيغَةِ أَيْ بِجِنْسٍ مَخْصُوصٍ مِنْ الصِّيغَةِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَقَدْ يُقَالُ هَذَا يَجْرِي فِي كُلِّ عَقْدٍ وَقَوْلُهُ وَالنِّكَاحُ أَيْ وَالْكِتَابَةُ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ لِصِحَّةِ عَقْدِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ) أَيْ الْعَقْدِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمُسَلَّمِ فِيهِ؛ لَكِنْ بَعْضُ الشُّرُوطِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُسَلَّمِ فِيهِ وَبَعْضُهَا مُتَعَلِّقٌ بِالْعَقْدِ، وَعَلَى كُلٍّ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ إلَّا بِهَا، فَلِذَا قَدَّرَ الشَّارِحُ عَقْدًا. وَأَيْضًا الصِّحَّةُ وَصْفٌ لِلْعَقْدِ لَا لِلْمُسَلَّمِ فِيهِ حَدُّ ذَاتِهِ. " وَثُمَّ " لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْخَمْسَةِ السَّابِقَةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ صَنِيعُهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي هَذِهِ وُجُودُهَا فِي الْعَقْدِ إلَّا السَّابِعَ فَيَكْفِي فِي حَرِيمِهِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي تِلْكَ وُجُودُهَا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْوَاقِعِ سم مَعَ زِيَادَةٍ قَلِيلَةٍ أج. قَوْلُهُ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذَا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ الْخَمْسَةُ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَصِفَهُ) أَيْ يَذْكُرُهُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (وَنَوْعِهِ) قَدْ يُغْنِي ذِكْرُ النَّوْعِ عَنْ ذِكْرِ الْجِنْسِ كَالضَّأْنِ وَالْمَعْزِ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْغَنَمِ، سم.

قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِالْقَيْدِ الْأَوَّلِ) أَيْ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الثَّمَنُ.

قَوْلُهُ: (مَا يُتَسَامَحُ بِإِهْمَالِ ذِكْرِهِ) وَلَوْ شُرِطَ ذَلِكَ اُعْتُبِرَ وَلَمْ يَجِبْ الْقَبُولُ بِدُونِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. اهـ. ح ل.

قَوْلُهُ: (كَالْكَحْلِ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْحَاءِ، وَهُوَ أَنْ يَعْلُوَ جُفُونَ الْعَيْنَيْنِ سَوَادٌ مِنْ غَيْرِ اكْتِحَالٍ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَبِالثَّالِثِ) وَهُوَ لَيْسَ الْأَصْلُ عَدَمَهَا. وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي كَوْنِ الْأَصْلِ فِي الْعَبْدِ أَنْ لَا يَكُونَ قَوِيًّا عَلَى الْعَمَلِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ شِدَّةُ الْقُوَّةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وحج قَوْلُهُ: (أَوْ أُمِّيًّا) الْمُرَادُ بِهِ مَا عَدَا الْكَاتِبَ بِدَلِيلِ الْمُقَابَلَةِ. وَكَوْنُ الْأَصْلِ عَدَمُهُ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ قَدْ يَدَّعِي أَنَّ الْأَصْلَ وُجُودُهُ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَارِضَةٌ.

قَوْلُهُ: (بِمَا يَنْفِي) أَيْ بِوَجْهٍ يَنْفِي إلَخْ. وَهُوَ وَجْهٌ مِنْ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَهِيَ قَوْلُهُ " مِنْ كَيْلٍ إلَخْ ". وَقَوْلُهُ الْجَهَالَةُ أَيْ جَهَالَةُ الْعَاقِدَيْنِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ عَدٍّ إلَخْ) كَالطُّوبِ غَيْرِ الْمَحْرُوقِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ ذَرْعٍ فِيمَا يُذْرَعُ) كَالْقُمَاشِ، وَقَدْ يُحْتَاجُ إلَى الْعَدِّ وَالذَّرْعِ فَلَا بُدَّ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي أَرْبَعَةِ بُسُطٍ فَهَذَا عَدَدٌ فَيَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الذَّرْعِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَبِيعِ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ حَمْلٍ لِمَحَلِّ الْقَبْضِ يَكُونُ عَلَى الْبَائِعِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالثَّمَنِ يَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْله: (وَيَصِحُّ سَلَمُ الْمَكِيلِ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت: لِمَ لَمْ يَتَعَيَّنْ هُنَا فِي الْمَكِيلِ الْكَيْلُ وَفِي الْمَوْزُونِ الْوَزْنُ كَمَا فِي الرِّبَا؟ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا مَعْرِفَةُ الْقَدْرِ وَثَمَّ الْمُمَاثَلَةُ بِعَادَةِ عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قَوْلُهُ: (الَّذِي يَتَأَتَّى كَيْلُهُ) كَاللَّوْزِ.

قَوْلُهُ: (ضَابِطًا فِيهِ) كَالسَّمْنِ.

قَوْلُهُ: (فِي فُتَاتِ الْمِسْكِ) بِضَمِّ الْفَاءِ، أَيْ قِطَعِهِ وَكِسَرِهِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ.

قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهِ) كَالْعَنْبَرِ.

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَصِحُّ كَاللَّآلِئِ إلَخْ) ضَعِيفٌ فِي الْمَقِيسِ دُونَ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ، فَالرَّاجِحُ فِي نَحْوِ فُتَاتِ الْمِسْكِ كَالْعَنْبَرِ الْوَزْنُ فَقَطْ دُونَ اللَّآلِئِ الصِّغَارِ فَتَصِحُّ كَيْلًا وَوَزْنًا إذَا عَمَّ وُجُودُهَا، سم وَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>