للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقِثَّاءِ وَالْبَاذِنْجَانِ. وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَضْبِطُهُ الْكَيْلُ لِتَجَافِيهِ فِي الْمِكْيَالِ، كَقَصَبِ السُّكَّرِ وَالْبُقُولِ، وَلَا يَكْفِي فِيهَا الْعَدُّ لِكَثْرَةِ التَّفَاوُتِ فِيهَا، وَالْجَمْعُ فِيهَا بَيْنَ الْعَدِّ وَالْوَزْنِ مُفْسِدٌ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى ذِكْرِ الْجُرْمِ فَيُورِثُ عِزَّةَ الْوُجُودِ. وَيَصِحُّ فِي اللَّوْزِ وَالْجَوْزِ وَإِنْ لَمْ يَقِلَّ اخْتِلَافُهُ وَزْنًا وَكَذَا كَيْلًا قِيَاسًا عَلَى الْحُبُوبِ وَالتَّمْرِ، وَلَوْ عُيِّنَ كَيْلًا فَسَدَ السَّلَمُ وَلَوْ كَانَ حَالًّا إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْكَيْلُ مُعْتَادًا كَكُوزٍ لَا يُعْرَفُ قَدْرُ مَا يَسَعُ. فَإِنْ كَانَ الْكَيْلُ مُعْتَادًا بِأَنْ عُرِفَ قَدْرُ مَا يَسَعُ وَلَمْ يَفْسُدْ السَّلَمُ وَيَلْغُو تَعْيِينُهُ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا غَرَضَ فِيهَا.

(وَ) الثَّالِثُ: (إنْ كَانَ) السَّلَمُ (مُؤَجَّلًا ذُكِرَ وَقْتُ مَحِلِّهِ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ وَقْتُ حُلُولِ الْأَجَلِ فَيَجِبُ أَنْ يَذْكُرَ الْعَاقِدُ أَجَلًا مَعْلُومًا وَالْأَجَلُ الْمَعْلُومُ مَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ كَشُهُورِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يُقَالُ: الْكَيْلُ لَا يُعَدُّ فِيهَا ضَابِطًا لِأَنَّ لِلْقَدْرِ الْيَسِيرِ مِنْهَا مَالِيَّةٌ كَثِيرَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالْبَاذِنْجَانُ) بِكَسْرِ الذَّالِ وَفَتْحِهَا، بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَالْبُقُولُ) وَهِيَ الْخَضْرَاوَاتُ كَالْمُلُوخِيَّةِ وَالرِّجْلَةِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ: الْبَقْلُ كُلُّ نَبَاتٍ اخْضَرَّتْ بِهِ الْأَرْضُ اهـ. قَوْلُهُ: (وَالْجَمْعُ فِيهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ الْبِطِّيخِ وَمَا بَعْدَهُ، كَأَسْلَمْت إلَيْك فِي مِائَةِ بِطِّيخَةٍ كُلُّ بِطِّيخَةٍ رِطْلَانِ. وَكَذَا لَا يَصِحُّ فِي الْوَاحِدَةِ بِأَنْ يَقُولَ: فِي بِطِّيخَةٍ وَزْنُهَا رِطْلٌ. وَهَذَا إذَا أُرِيدَ الْوَزْنُ التَّحْدِيدِيُّ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ اهـ. وَعِبَارَةُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ: وَيَصِحُّ فِي الْمَكِيلِ وَزْنًا وَكَذَا عَكْسُهُ إنْ عُدَّ فِيهِ ضَابِطًا، بِخِلَافِ مَا لَا يُعَدُّ الْكَيْلُ فِيهِ ضَابِطًا كَعَنْبَرٍ وَفُتَاتِ مِسْكٍ وَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ. وَلَا يَصِحُّ الْجَمْعُ بَيْنَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ كَإِرْدَبِّ قَمْحٍ وَزْنُهُ كَذَا، وَلَا بَيْنَ الْوَزْنِ وَغَيْرِهِ، كَذَلِكَ كَالذَّرْعِ فَيَمْتَنِعُ كَثَوْبٍ ذَرْعُهُ كَذَا أَوْ وَزْنُهُ كَذَا إلَّا فِي نَحْوِ لَبِنٍ بِكَسْرِ الْبَاءِ مِمَّا يُضْرَبُ عَنْ اخْتِيَارٍ فَيَصِحُّ فِيهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعَدِّ وَالْوَزْنِ. وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ جَمْعُ الْعَدِّ مَعَ الذَّرْعِ فِي الْبُسُطِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِمَا فِيهَا. اهـ. ق ل. وَفِي شَرْحِ م ر: وَقَوْلُ السُّبْكِيّ " لَوْ أَسْلَمَ فِي عِدَّةٍ مِنْ بِطِّيخٍ مَثَلًا كَمِائَةٍ بِالْوَزْنِ فِي الْجَمِيعِ دُونَ كُلِّ وَاحِدَةٍ جَازَ اتِّفَاقًا " مَمْنُوعٌ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، أَيْ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْوَزْنُ فَقَطْ بِأَنْ يَقُولَ: أَسْلَمْت إلَيْك فِي قِنْطَارٍ مِنْ الْبِطِّيخِ مَثَلًا اهـ. وَأَمَّا فِي الْبِطِّيخَةِ الْوَاحِدَةِ وَنَحْوِهَا فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْوَزْنِ مَعَ الْأَوْصَافِ، وَذَلِكَ يُورِثُ عِزَّةَ الْوُجُودِ مَا لَمْ يُرَدْ الْوَزْنُ التَّقْرِيبِيُّ. قَالَ سم: وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَنْتِجُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْبِطِّيخَةَ الْوَاحِدَةَ مُتَقَوِّمَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا، بِخِلَافِ الْجُمْلَةِ فَإِنَّهَا مِثْلِيَّةٌ لِجَوَازِ السَّلَمِ فِيهَا. وَكَذَا يُقَالُ فِي الْبَيْضَةِ الْوَاحِدَةِ وَالْجُمْلَةِ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا جُمِعَ بَيْنَ الْعَدِّ وَالْوَزْنِ فِي جُمْلَةٍ مِنْ الْبِطِّيخِ مَثَلًا، فَإِنْ أَرَادَ التَّقْرِيبِيَّ صَحَّ كَمَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَزْنِ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ.

قَوْلُهُ: (فَيُورِثُ عِزَّةَ الْوُجُودِ) فَتَعَيَّنَ الْوَزْنُ بِأَنْ يَقُولَ: أَسْلَمْت إلَيْك فِي قِنْطَارٍ مِنْ الْبِطِّيخِ مَثَلًا ح ل.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَقِلَّ اخْتِلَافُهُ) أَيْ بِأَنْ كَثُرَ اخْتِلَافُ قُشُورِهِ بِالْغِلَظِ وَالرِّقَّةِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ لِلْمُسَامَحَةِ فِيهِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَإِنْ كَانَ مِنْ نَوْعٍ يَكْثُرُ اخْتِلَافُهُ بِغِلَظِ قُشُورِهِ وَرِقَّتِهَا، خِلَافًا لِلْإِمَامِ اهـ. وَقَوْلُهُ " خِلَافًا لِلْإِمَامِ " حَيْثُ قَالَ: إنَّهُ إذَا كَثُرَ اخْتِلَافُهُ لَا يَصِحُّ كَيْلًا وَلَا وَزْنًا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا كَيْلًا) قَدْ يُقَالُ الْكَيْلُ لَا يُعَدُّ فِيهِ ضَابِطًا. وَالْقِيَاسُ الْمَذْكُورُ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَيَّنَ كَيْلًا) أَوْ مِيزَانًا أَوْ ذِرَاعًا. وَفِي مَعْنَى تَعْيِينِ الْمِكْيَالِ مَا لَوْ شُرِطَ الذِّرَاعُ بِذِرَاعِ يَدِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَعْلُومَ الْقَدْرِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَمُوتُ قَبْلَ الْقَبْضِ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: فَلَوْ عُيِّنَ بِفَاءِ التَّفْرِيعِ وَهِيَ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ إذْ لَا يَظْهَرُ تَفْرِيعُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ، فَنُسْخَةُ الْوَاوِ ظَاهِرَةٌ. وَعِبَارَةُ مَتْنِ الْمَنْهَجِ: وَفَسَدَ بِتَعْيِينِ نَحْوِ مِكْيَالٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ.

قَوْلُهُ: (فَسَدَ السَّلَمُ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ اهـ. وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمُؤَجَّلِ، وَأَمَّا الْحَالُّ فَلِأَنَّهُ قَدْ يُؤَخِّرُ الْقَبْضَ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُعْتَادٍ فَيَتْلَفُ اهـ.

قَوْلُهُ: (كَكُوزٍ) لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ قَبْلَ قَبْضِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَيُؤَدِّي إلَى التَّنَازُعِ. قَوْلُهُ: (لَا يُعْرَفُ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِغَيْرِ الْمُعْتَادِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ تَفْسِيرُ الْمُعْتَادِ بِقَوْلِهِ: بِأَنْ عُرِفَ قَدْرُ مَا يَسَعُ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا ذُكِرَ وَقْتُ مَحِلِّهِ) مَعْنَاهُ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَجَبَ أَنْ يَذْكُرَ أَجَلًا مَعْلُومًا؛ وَلِذَلِكَ فَرَّعَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ قَوْلَهُ: فَيَجِبُ إلَخْ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْمَتْنِ أَنَّ مُطْلَقَ بَيَانِ الْوَقْتِ يَكْفِي، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (مَعْلُومًا) أَيْ لَهُمَا أَوْ لِعَدْلَيْنِ غَيْرِهِمَا كَمَا فِي مَتْنِ الْمَنْهَجِ؛ أَيْ لِيَرْجِعَ إلَيْهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ. فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ اكْتَفَى هُنَا بِمَعْرِفَةِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ عَدْلَيْنِ وَلَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>