الْعَرَبِ أَوْ الْفُرْسِ أَوْ الرُّومِ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ مَضْبُوطَةٌ. وَيَصِحُّ التَّأْقِيتُ بِالنَّيْرُوزِ وَهُوَ نُزُولُ الشَّمْسِ بُرْجَ الْمِيزَانِ، وَبِعِيدِ الْكُفَّارِ إنْ عَرَفَهُ الْمُسْلِمُونَ وَلَوْ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ أَوْ الْمُتَعَاقِدَانِ، فَإِنْ أُطْلِقَ الشَّهْرُ حُمِلَ عَلَى الْهِلَالِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْهِلَالَيْنِ لِأَنَّهُ عُرْفُ الشَّرْعِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَقَعَ الْعَقْدُ أَوَّلَ الشَّهْرِ فَإِنْ انْكَسَرَ شَهْرٌ بِأَنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي أَثْنَائِهِ وَالتَّأْجِيلُ بِالْأَشْهُرِ حَسَبَ الْبَاقِي بَعْدَ الْأَوَّلِ الْمُنْكَسِرِ بِالْأَهِلَّةِ. وَتَمَّمَ الْأَوَّلُ ثَلَاثِينَ مِمَّا بَعْدَهَا. نَعَمْ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ الشَّهْرِ اكْتَفَى بِالْأَشْهُرِ بَعْدَهُ بِأَهِلَّةٍ تَامَّةً كَانَتْ أَوْ نَاقِصَةً، وَالسَّنَةُ الْمُطْلَقَةُ تُحْمَلُ عَلَى الْهِلَالِيَّةِ دُونَ غَيْرِهَا لِأَنَّهَا عُرْفُ الشَّرْعِ قَالَ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: ١٨٩] وَلَوْ قَالَا إلَى يَوْمِ كَذَا أَوْ شَهْرِ كَذَا أَوْ سَنَةِ كَذَا حَلَّ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ، وَلَوْ قَالَا فِي يَوْمِ كَذَا أَوْ شَهْرِ كَذَا أَوْ سَنَةِ كَذَا لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ، أَوْ قَالَا إلَى أَوَّلِ شَهْرِ كَذَا أَوْ آخِرِهِ صَحَّ وَحُمِلَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فِي صِفَاتِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا لِلْعَاقِدَيْنِ وَعَدْلَيْنِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ؟ قُلْتُ: أَجَابَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِأَنَّ الْجَهَالَةَ هُنَا رَاجِعَةٌ إلَى الْأَجَلِ وَهُنَاكَ إلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَجَازَ أَنْ يُحْتَمَلَ هُنَا مَا لَا يُحْتَمَلُ هُنَاكَ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا وَثَمَّ عَدْلَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ، إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَمُوتَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ يَغِيبَا فِي وَقْتِ الْمَحِلِّ فَيَتَعَذَّرُ مَعْرِفَتُهَا أَيْ الصِّفَاتِ وَالْأَجَلِ، بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يُوجَدَ أَبَدًا فِي الْغَالِبِ مِمَّنْ يَعْرِفُهَا عَدْلَانِ أَوْ أَكْثَرُ فِي مَحِلِّ التَّسْلِيمِ فَمَا فَوْقَهُ إلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى؛ لِأَنَّ مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ إلَّا مِنْ الْمَحِلِّ الْمَذْكُورِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَالْحَلَبِيُّ. وَقَوْلُهُ: لَهُمَا وَلِعَدْلَيْنِ فَلَا يَكْفِي دُونَ الْأَرْبَعَةِ، وَالْمُرَادُ أَنْ يُوجَدَ أَبَدًا عَدْلَانِ يَعْرِفَانِهَا وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ حُضُورُهُمَا خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ. اهـ. م د عَلَى التَّحْرِيرِ.
قَوْلُهُ: (كَشُهُورِ الْعَرَبِ) وَهِيَ الْهِلَالِيَّةُ شَهْرٌ مِنْهَا ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَشَهْرٌ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ إلَّا ذَا الْحِجَّةِ فَإِنَّهُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ وَخُمُسٌ وَسُدُسٌ، فَالسَّنَةُ الْعَرَبِيَّةُ ثَلَثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَخُمُسُ وَسُدُسُ يَوْمٍ؛ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ. وَتَوَقَّفَ مُجَلِّي فِيهِ وَقَالَ: لَمْ يَبِنْ لِي وَجْهُ زِيَادَةِ الْخُمُسِ وَالسُّدُسِ، وَصَحَّحَ الْجِيلِيُّ أَنَّ الْهِلَالِيَّةَ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَالسَّنَةُ الشَّمْسِيَّةُ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا أَوَّلُهَا الْحَمَلُ وَرُبَّمَا يُجْعَلُ أَوَّلُهَا النَّيْرُوزَ، وَالْهِلَالِيَّةُ أَوَّلُهَا الْمُحَرَّمُ، دَمِيرِيٌّ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَرَّرَ الْفَرْغَانِيُّ زِيَادَةَ الْكَسْرَيْنِ بِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ سَنَةً أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِذَا قُسِّطَتْ عَلَى السِّنِينَ خَصَّ كُلَّ سَنَةٍ خُمُسُ وَسُدُسُ يَوْمٍ، قَالَ: وَهَذَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِاجْتِمَاعِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ أَمَّا بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَلَا زِيَادَةَ، نَقَلَهُ عَنْهُ الْقَاضِي مُجَلِّي، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِقَوْلِ الْمُهَذَّبِ فِي الْهِلَالِيَّةِ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ عَلَى بُعْدٍ: لَا مُنَاقَضَةَ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْهِلَالِيَّةَ تَزِيدُ مِنْ حَيْثُ الِاجْتِمَاعُ الْمَذْكُورُ لَا مِنْ حَيْثُ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ اهـ.
قَوْلُهُ: (إنْ عَرَفَهُ الْمُسْلِمُونَ) بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَصَّ الْكُفَّارُ بِمَعْرِفَتِهِ لِعَدَمِ اعْتِمَادِ قَوْلِهِمْ، نَعَمْ إنْ كَانُوا عَدَدًا كَثِيرًا يَمْتَنِعُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ جَازَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِقَوْلِهِمْ. اهـ. م ر. قَوْلُهُ: (أَوْ الْمُتَعَاقِدَانِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُسْلِمُونَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَطْلَقَ الشَّهْرَ) بِأَنْ قَالَ: تُحْضِرُهُ بَعْدَ شَهْرٍ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْأَوَّلِ الْمُنْكَسِرِ) وَلَا يُلْغِي الْمُنْكَسِرَ لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ الْأَجَلِ عَنْ الْعَقْدِ، م ر.
قَوْلُهُ: (نَعَمْ إنْ وَقَعَ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: تَمَّمَ الْأَوَّلَ ثَلَاثِينَ.
قَوْلُهُ: (بِالْأَهِلَّةِ تَامَّةٌ) أَيْ وَلَا يُتَمِّمُ الْيَوْمَ مِمَّا بَعْدَهَا.
قَوْلُهُ: (أَوْ نَاقِصَةٌ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَإِنْ نَقَصَ بَعْضُهَا هُوَ الْأَخِيرُ وَلَا يُتَمِّمُ الْأَوَّلَ مِمَّا بَعْدَهَا لِأَنَّهَا مَضَتْ عَرَبِيَّةً كَوَامِلَ، هَذَا إذَا نَقَصَ الشَّهْرُ الْأَخِيرُ وَإِلَّا لَمْ يُشْتَرَطْ انْسِلَاخُهُ بَلْ يُتَمِّمُ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ مِنْ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ فَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عِنْدَ الزَّوَالِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مَثَلًا وَأَجَّلَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ اكْتَفَى بِالْمُحَرَّمِ وَصَفَرٍ مُطْلَقًا كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ، وَكَذَا رَبِيعٌ الْأَوَّلُ إنْ نَقَصَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَمُلَ فَإِنَّ الدَّيْنَ يَحِلُّ وَقْتَ الزَّوَالِ مِنْ آخِرِهِ ع ش.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ إلَخْ) لِأَنَّهُمَا أَيْ الْعَاقِدَيْنِ جَعَلَا جَمِيعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute