للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَرْهُونَةً لَمْ يَصِحَّ الرَّهْنُ فِي الثَّلَاثِ لِإِخْلَالِ الشَّرْطِ بِالْغَرَضِ مِنْهُ فِي الْأُولَى، وَلِتَغَيُّرِ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ فِي الثَّانِيَةِ، وَلِجَهَالَةِ الزَّوَائِدِ وَعَدَمِهَا فِي الثَّالِثَةِ وَأَمَّا الْعَاقِدَانِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ وَالِاخْتِبَارِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ. فَلَا يَرْهَنُ الْوَلِيُّ أَبًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ مَالَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَلَا يَرْتَهِنُ لَهُمَا إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ فَيَجُوزُ لَهُ الرَّهْنُ وَالِارْتِهَانُ فِيهِمَا دُونَ غَيْرِهِمَا، مِثَالُهُمَا لِلضَّرُورَةِ أَنْ يَرْهَنَ عَلَى مَا يَقْتَرِضُ لِحَاجَةِ الْمُؤْنَةِ لِيُوفِيَ مِمَّا يَنْتَظِرُ مِنْ غَلَّةٍ أَوْ حُلُولِ دَيْنٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَنَفَاقِ مَتَاعٍ كَاسِدٍ، وَأَنْ يَرْتَهِنَ عَلَى مَا يُقْرِضُهُ أَوْ يَبِيعُهُ مُؤَجَّلًا لِضَرُورَةِ نَهْبٍ أَوْ نَحْوِهِ. وَمِثَالُهُمَا لِلْغِبْطَةِ أَنْ يَرْهَنَ مَا يُسَاوِي مِائَةً عَلَى ثَمَنِ مَا اشْتَرَاهُ بِمِائَةٍ نَسِيئَةً وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ، وَأَنْ يَرْتَهِنَ عَلَى ثَمَنِ مَا يَبِيعُهُ نَسِيئَةً لِغِبْطَةٍ. وَلَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ إلَّا بِقَبْضِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ بِإِذْنٍ مِنْ الرَّاهِنِ أَوْ إقْبَاضٍ مِنْهُ مِمَّنْ يَصِحُّ عَقْدُهُ لِلرَّهْنِ. وَلِلْعَاقِدِ إنَابَةُ غَيْرِهِ فِيهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ فِي صَفْقَةٍ وَهُوَ جَائِزٌ. وَصُورَتُهَا كَمَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ: أَنْ يَقُولَ: بِعْتُك عَبْدِي بِمِائَةٍ مَثَلًا بِشَرْطِ أَنْ تَرْهَنَنِي بِهَا دَارَك وَأَنْ تَكُونَ مَنْفَعَتُهَا لِي سَنَةً، فَبَعْضُ الْعَبْدِ مَبِيعٌ وَبَعْضُهُ أُجْرَةٌ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةِ الدَّارِ، تَأَمَّلْ هَذَا التَّصْوِيرَ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَعْجِزُ عَنْهُ وَقَدْ ظَفِرْت بِهِ فِي بَعْضِ شُرُوحِ التَّنْبِيهِ لِلزَّنْكَلُونِيِّ بَعْدَ التَّوَقُّفِ فِيهِ كَثِيرًا وَالسُّؤَالِ عَنْهُ كَثِيرًا، فَيُوَزَّعُ الْعَبْدُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَالْمِائَةِ. قَوْلُهُ: (لِإِخْلَالِ الشَّرْطِ بِالْغَرَضِ مِنْهُ) لِأَنَّ الْغَرَضَ بَيْعُهُ عِنْدَ الْمَحِلِّ ح ل.

قَوْلُهُ: (وَلِتَغَيُّرِ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ إلَخْ) لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْعَقْدِ أَنْ تَكُونَ مَنَافِعُ الْمَرْهُونِ لِلرَّاهِنِ ح ل؛ لِأَنَّ التَّوَثُّقَ إنَّمَا هُوَ بِالْعَيْنِ وَالْمَنَافِعُ لِلرَّاهِنِ.

وَقَدْ يُقَالُ هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي الثَّالِثَةِ أَيْضًا، فَكَانَ اللَّائِقُ أَنْ يَقُولَ: وَلِتَغَيُّرِ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَلِجَهَالَةِ الزَّوَائِدِ فِي الثَّالِثَةِ فَتَكُونُ الثَّالِثَةُ مُعَلَّلَةٌ بِعِلَّتَيْنِ وَالثَّانِيَةُ بِوَاحِدَةٍ ع ش. وَالتَّوَثُّقُ هُوَ التَّحَفُّظُ لِلدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ حِفْظٌ لِلدَّيْنِ، أَيْ صَوْنٌ لَهُ عَنْ الضَّيَاعِ. قَوْلُهُ: (فَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا) أَيْ لِيَرْهَنَ الرَّاهِنُ وَيَرْتَهِنَ الْمُرْتَهِنُ رَهْنًا مُطْلَقًا أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يَرْهَنُ أَصْلًا مَالَ مُوَلِّيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ فِيهِ، وَكَذَا مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَرْتَهِنُ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّهُ يَرْهَنُ وَيَرْتَهِنُ لِلضَّرُورَةِ وَالْغِبْطَةِ. قَوْلُهُ: (أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الرَّاهِنَ هُنَا لَمْ يَتَبَرَّعْ بِشَيْءٍ بَلْ فَوَائِدُ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ لَهُ وَالْمُرْتَهِنُ دَيْنُهُ بِحَالَةٍ فَلَا تَبَرُّعَ هُنَا، فَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالرُّشْدِ.

قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْبَيْعِ) فِيهِ أَنَّ الْبَائِعَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ، بِدَلِيلِ صِحَّةِ بَيْعِ الْوَكِيلِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ أَهْلَ تَبَرُّعٍ فِي مَالِ مُوَكِّلِهِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُنَاسِبُ كَمَا فِي الْقَرْضِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُقْرِضِ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ التَّبَرُّعُ فِي مَالِهِ وَالْوَلِيُّ أَهْلُ تَبَرُّعٍ فِي مَالِهِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ) اُحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ اشْتَرَى مَتَاعًا بِمِائَةٍ مُؤَجَّلَةٍ وَهُوَ يُسَاوِي مِائَةً حَالَّةً، فَإِنَّ الْغِبْطَةَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَوْجُودَةٌ لَكِنَّهَا لَا تَظْهَرُ لِكُلِّ أَحَدٍ، شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ. وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ: أَوْ غِبْطَةٌ ظَاهِرَةٌ، سَيَأْتِي فِي الشَّرِكَةِ أَنَّ الْغِبْطَةَ مَالٌ لَهُ وَقَعَ أَيْ قَدْرٌ لَا يُتَسَامَحُ أَيْ لَا يُتَسَاهَلُ بِهِ، فَانْظُرْ مَا مُفَادُ قَوْلِهِ ظَاهِرَةً. اهـ. . وَيُجَابُ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ ظَاهِرَةً أَيْ مُتَحَقِّقَةً لِلْوَلِيِّ

قَوْلُهُ: (فَيَجُوزُ لَهُ الرَّهْنُ) هَذَا جَوَازٌ بَعْدَ امْتِنَاعٍ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ

لِلْمَصْلَحَةِ

. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (مِثَالُهُمَا) أَيْ الرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ.

قَوْلُهُ: (لِحَاجَةِ الْمُؤْنَةِ) أَيْ حَاجَةٍ شَاقَّةٍ لِيُلَائِمَ قَوْلَهُ " إلَّا لِضَرُورَةٍ إلَخْ " وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْحَاجَةُ أَعَمُّ مِنْ الضَّرُورَةِ، فَإِنَّهَا تَشْمَلُ التَّفَكُّهَ وَثِيَابَ الزِّينَةِ، فَكَيْفَ تُفَسَّرُ الضَّرُورَةُ بِذَلِكَ؟ . اهـ. ع ش.

قَوْلُهُ: (كَنَفَاقِ) مَتَاعٍ أَيْ رَوَاجٍ يُقَالُ نَفَقَتْ السِّلْعَةُ وَالْمَرْأَةُ نَفَاقًا بِالْفَتْحِ كَثُرَ طُلَّابُهَا وَخُطَّابُهَا، وَقَوْلُهُ " (كَاسِدٍ) " أَيْ بَائِرٍ.

قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوِهِ) كَتَلَفٍ.

قَوْلُهُ: (وَمِثَالُهُمَا لِلْغِبْطَةِ إلَخْ) وَإِذَا رَهَنَ فَلَا يَرْهَنُ إلَّا مِنْ أَمِينٍ آمِنٍ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَعِبَارَةُ الْعَنَانِيِّ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ مَالِهِ مُؤَجَّلًا لِغِبْطَةٍ مِنْ أَمِينٍ غَنِيٍّ وَبِإِشْهَادٍ وَبِأَجَلٍ قَصِيرٍ عُرْفًا وَكَوْنُ الْمَرْهُونِ وَافِيًا بِالثَّمَنِ، فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ بَطَلَ الْبَيْعُ. قَوْلُهُ: (مَا يُسَاوِي مِائَةً) أَيْ حَالَّةً، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فَلَوْ امْتَنَعَ الْبَائِعُ إلَّا بِرَهْنِ مَا يَزِيدُ عَلَى الْمِائَةِ تُرِكَ الشِّرَاءُ خِلَافًا لِجَمْعِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ) أَيْ حَالَّةً ع ش.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ) وَاللُّزُومُ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الرَّاهِنِ، وَأَمَّا الْمُرْتَهِنُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فِي حَقِّهِ فَلَهُ فَسْخُهُ مَتَى شَاءَ. قَوْلُهُ: (كَمَا مَرَّ) أَيْ قَبْضًا مِثْلُ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ، أَيْ مِنْ النَّقْلِ فِي الْمَنْقُولِ وَالتَّخْلِيَةِ فِي غَيْرِهِ؛ وَفِي نُسْخَةٍ: " بِمَا مَرَّ " وَهِيَ ظَاهِرَةٌ.

قَوْلُهُ: (مِمَّنْ يَصِحُّ عَقْدُهُ) مُتَعَلِّقٌ بِقَبْضٍ وَإِذْنٍ وَإِقْبَاضٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ غَيْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>