للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَوْتِ عَاقِدٍ وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ وَتَخَمُّرِ عَصِيرٍ وَإِبَاقِ رَقِيقٍ، وَلَيْسَ لِرَاهِنٍ مَقْبِضُ رَهْنٍ وَلَا وَطْءٌ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا تَحْبَلُ، وَلَا تَصَرُّفَ يُزِيلُ مِلْكًا كَوَقْفٍ أَوْ يَنْقُصُهُ كَتَزْوِيجٍ فَلَا يَنْفُذُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ إلَّا إعْتَاقُ مُوسِرٍ وَإِيلَادُهُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ وَقْتَ إعْتَاقِهِ وَإِحْبَالِهِ وَتَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ بِغَيْرِ عَقْدٍ لِقِيَامِهَا مَقَامَهُ، وَالْوَلَدُ الْحَاصِلُ مِنْ وَطْءِ الرَّاهِنِ حُرٌّ نَسِيبٌ وَلَا يَغْرَمُ قِيمَتَهُ. وَإِذَا لَمْ يَنْفُذْ الْعِتْقُ وَالْإِيلَادُ لِكَوْنِهِ مُعْسِرًا فَانْفَكَّ الرَّهْنُ نَفَذَ الْإِيلَادُ لَا الْإِعْتَاقُ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ قَوْلٌ فَإِذَا رُدَّ لَغَا،

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَمَةٍ أج.

قَوْلُهُ: (وَلَا بِمَوْتِ عَاقِدٍ) مِنْ رَاهِنٍ أَوْ مُرْتَهِنٍ، أَيْ فَيَقُومُ فِي الْمَوْتِ وَرَثَةُ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ مَقَامَهُمَا فِي الْقَبْضِ وَالْإِقْبَاضِ وَفِي غَيْرِهِ مَنْ يَنْظُرُ فِي حَالِ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ يَنْتَظِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف.

قَوْلُهُ: (وَتَخَمُّرِ عَصِيرٍ) لَكِنْ لَا يُعْتَدُّ بِقَبْضِهِ حَالَ التَّخَمُّرِ فَيَقْبِضُ بَعْدَ تَخَلُّلِهِ ق ل، فَإِنْ قَبَضَ حَالَ التَّخَمُّرِ اُسْتُؤْنِفَ الْقَبْضُ بَعْدَ التَّخَلُّلِ لِفَسَادِ الْقَبْضِ الْأَوَّلِ م ر وَح ل.

قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِرَاهِنٍ مَقْبِضُ إلَخْ) مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " مَا لَمْ يُقْبِضْهُ " أَيْ أَمَّا إذَا أَقْبَضَهُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ بِهَذِهِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا بِغَيْرِهَا.

قَوْلُهُ: (رَهْنٍ) لِئَلَّا يُزَاحِمَ الْمُرْتَهِنَ. وَهَذِهِ الْعِلَّةُ قَاصِرَةٌ عَلَى رَهْنِهِ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الْمَدَابِغِيِّ: قَوْلُهُ: " رَهْنٍ " أَيْ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ وَلَا لَهُ بِدَيْنٍ آخَرَ وَإِنْ وَفَّى أَيْ لِأَنَّهُ مَشْغُولٌ وَالْمَشْغُولُ لَا يُشْغَلُ، بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَوْقَ الرَّهْنِ بِدَيْنٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ شَغْلُ فَارِغٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا وَطْءٌ) لِخَوْفِ الْإِحْبَالِ فِيمَنْ تَحْبَلُ وَحَسْمًا لِلْبَابِ فِي غَيْرِهَا، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. نَعَمْ لَوْ خَافَ الزِّنَا لَوْ لَمْ يَطَأْ فَلَهُ وَطْؤُهَا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ كَالْمُضْطَرِّ، وَمَحَلُّ عَدَمِ الْوَطْءِ إذَا كَانَ مُعْسِرًا كَمَا قَالَهُ ح ل. وَخَرَجَ بِالْوَطْءِ بَقِيَّةُ التَّمَتُّعَاتِ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: تَحْرُمُ. وَجَمَعَ الشَّيْخُ يَعْنِي شَيْخَ الْإِسْلَامِ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الثَّانِي عَلَى مَا لَوْ خَافَ الْوَطْءَ وَالْأَوَّلُ عَلَى مَا لَوْ أَمِنَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر.

قَوْلُهُ: (مِمَّا لَا تَحْبَلُ) الْأَوْلَى مِمَّنْ كَمَا فِي نُسْخَةِ لِأَنَّ " مَا " لِغَيْرِ الْعَاقِلِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَمَةَ تُشْبِهُ غَيْرَ الْعَاقِلِ وَالْوَطْءُ حَرَامٌ، وَلَوْ كَانَ الرَّاهِنُ زَوْجًا كَأَنْ اسْتَعَارَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ مِنْ سَيِّدِهَا لِيَرْهَنَهَا فَرَهَنَهَا. وَبِهِ يُلْغَزُ فَيُقَالُ: لَنَا زَوْجٌ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهُ لِزَوْجَتِهِ إلَّا بِإِذْنِ أَجْنَبِيٍّ وَهُوَ الْمُرْتَهِنُ.

قَوْلُهُ: (كَوَقْفٍ إلَخْ) نَعَمْ لَهُ قَتْلُهُ قَوَدًا وَدَفْعًا لَهُ إذَا كَانَ صَائِلًا، وَكَذَا لِنَحْوِ رِدَّةٍ إذَا كَانَ وَالِيًا اهـ م ر وأ ج.

قَوْلُهُ: (أَوْ يَنْقُصُهُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْقَافِ وَالصَّادِ. قَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا} [التوبة: ٤] . وَبِضَمِّ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ الْمَكْسُورَةِ، وَالْأَوَّلُ أَفْصَحُ لِمَجِيءِ الْقُرْآنِ بِهِ. وَأَمَّا " يُنْقِصُ " بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ فَلَمْ يَثْبُتْ، وَجَاءَ " نَقَصَ " بِالتَّخْفِيفِ لَازِمًا يُقَالُ نَقَصَ الْمَالُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَنْفُذُ) فَالتَّزْوِيجُ بَاطِلٌ وَكَذَا الْإِجَارَةُ وَالدَّيْنُ حَالٌّ أَوْ يَحِلُّ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَنْقُصُ الْقِيمَةَ وَيُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ يَحِلُّ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ مَعَ فَرَاغِهَا جَازَتْ، وَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ الْمَذْكُورُ مَعَ الْمُرْتَهِنِ وَمَعَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ كَمَا سَيَأْتِي شَرْحُ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (مُوسِرٍ) الْمُرَادُ يَسَارُهُ بِأَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ وَالدَّيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، م ر ز ي وع ش.

قَوْلُهُ: (وَإِيلَادُهُ) وَإِقْدَامُ الْمُوسِرِ عَلَيْهِمَا جَائِزٌ ح ل.

قَوْلُهُ: (وَتَكُونُ رَهْنًا إلَخْ) وَقَبْلَ الْغُرْمِ يَنْبَغِي أَنْ يُحْكَمَ بِأَنَّهَا مَرْهُونَةٌ، أَيْ فِي ذِمَّتِهِ، وَهَذَا رَهْنٌ فِي الدَّوَامِ فَلَا يُنَافِي مَا سَبَقَ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ رَهْنِ الدَّيْنِ لِأَنَّ مَحِلَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ. وَفَائِدَةُ ذَلِكَ تَقْدِيمُ الْمُرْتَهِنِ بِذَلِكَ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَعَلَى مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ، وَلَيْسَ لَهُ سِوَى قَدْرِ الْقِيمَةِ ح ل. قَوْلُهُ: (وَالْوَلَدُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ إيلَادُهُ، ابْنُ حَجَرٍ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَغْرَمُ قِيمَتَهُ) وَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ؛ لَكِنْ يَغْرَمُ أَرْشَ الْبَكَارَةِ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْجُزْءِ الذَّاهِبِ وَتَكُونُ رَهْنًا، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (لِكَوْنِهِ مُعْسِرًا) وَيُبَاعُ عَلَى الْمُعْسِرِ مِنْهَا بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَإِنْ نَقَصَتْ بِالتَّشْقِيصِ رِعَايَةً لِحَقِّ الْإِيلَادِ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ الْأَعْيَانِ الْمَرْهُونَةِ حَيْثُ يُبَاعُ كُلُّهُ رِعَايَةً لِحَقِّ الْمَالِكِ؛ لَكِنْ لَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهَا إلَّا بَعْدَ وَضْعِ وَلَدِهَا لِحَمْلِهَا بِحُرٍّ بَلْ وَبَعْدَ أَنْ تَسْقِيَهُ اللِّبَأَ وَيُوجَدُ مَنْ يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْهَا، فَإِنْ اسْتَغْرَقَهَا الدَّيْنُ أَوْ عَدِمَ مُشْتَرِي الْبَعْضِ بِيعَتْ كُلُّهَا لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي الْأُولَى وَلِلضَّرُورَةِ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَا يَضُرُّ التَّفْرِيقُ حِينَئِذٍ لِأَنَّ الْوَلَدَ حُرٌّ اهـ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (فَانْفَكَّ الرَّهْنُ) أَيْ بِغَيْرِ بَيْعٍ، فَإِنْ انْفَكَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>