للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَالِبِ وَإِلَّا فَقَدْ اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ مَسَائِلُ طَرْدًا وَعَكْسًا. فَمِنْ الطَّرْدِ الظَّافِرُ بِحَقِّهِ فَلَا يُوَكِّلُ فِي كَسْرِ الْبَابِ وَأَخْذِ حَقِّهِ. وَكَوَكِيلٍ قَادِرٍ وَعَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ وَسَفِيهٍ مَأْذُونٍ لَهُ فِي نِكَاحٍ، وَمِنْ الْعَكْسِ كَأَعْمَى يُوَكِّلُ فِي تَصَرُّفٍ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ مُبَاشَرَتُهُ لَهُ لِلضَّرُورَةِ، وَكَالْمُحْرِمِ يُوَكِّلُ حَلَالًا فِي النِّكَاحِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ فَيَصِحُّ تَوْكِيلُ وَلِيٍّ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ مُوَلِّيهِ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ لِصِحَّةِ مُبَاشَرَتِهِ لَهُ، وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ شَرْطِ الْمُوَكِّلِ فِيهِ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَمْلِكَهُ الْمُوَكِّلُ حِينَ التَّوْكِيلِ فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ وَمَا سَيَمْلِكُهُ وَطَلَاقُ مَنْ سَيَنْكِحُهَا لِأَنَّهُ لَا يُبَاشِرُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، فَكَيْفَ يَسْتَنِيبُ غَيْرَهُ إلَّا تَبَعًا؟ فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِبَيْعِ مَا لَا يَمْلِكُهُ تَبَعًا لِلْمَمْلُوكِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقْبَلَ نِيَابَةً فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي كُلِّ عَقْدٍ كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ، وَكُلُّ فَسْخٍ كَإِقَالَةٍ وَرَدٍّ بِعَيْبٍ وَقَبْضٍ وَإِقْبَاضٍ وَخُصُومَةٍ مِنْ دَعْوَى وَجَوَابٍ وَتَمَلُّكٍ مُبَاحٍ كَإِحْيَاءٍ وَاصْطِيَادٍ وَاسْتِيفَاءِ عُقُوبَةٍ لَا فِي إقْرَارٍ فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ وَلَا فِي الْتِقَاطٍ، وَلَا فِي عِبَادَةٍ كَصَلَاةٍ إلَّا فِي نُسُكٍ مِنْ حَجٍّ أَوْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (طَرْدًا) أَيْ مَنْطُوقًا وَهُوَ التَّلَازُمُ فِي الثُّبُوتِ، وَعَكْسًا أَيْ مَفْهُومًا وَهُوَ التَّلَازُمُ فِي الِانْتِفَاءِ، وَقَوْلُهُ: " فَمِنْ الطَّرْدِ " أَيْ فَالْمُسْتَثْنَى مِنْ الطَّرْدِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ: " وَمِنْ الْعَكْسِ ". وَطَرْدًا وَعَكْسًا مَنْصُوبَانِ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ الْمُضَافِ، أَيْ مِنْ طَرْدِهِ وَعَكْسِهِ فَحَذَفَ الْمُضَافَ إلَيْهِ ثُمَّ أَتَى بِهِ وَجُعِلَ تَمْيِيزًا.

قَوْلُهُ: (فَلَا يُوَكِّلُ فِي كَسْرِ الْبَابِ) وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ ح ل.

قَوْلُهُ: (وَكَوَكِيلٍ قَادِرٍ إلَخْ) أَتَى بِالْكَافِ عَلَى تَوَهُّمِ وُجُودِ الْكَافِ فِيمَا قَبْلَهُ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: يُسْتَثْنَى مَسَائِلُ كَكَذَا وَكَوَكِيلٍ، وَإِلَّا فَحَقُّهُ حَذْفُ الْكَافِ وَرَفْعُهُ عَطْفًا عَلَى الظَّافِرِ، قَوْلُهُ: (مَأْذُونٌ لَهُ) أَيْ فِي التِّجَارَةِ. وَقَوْلُهُ: " وَسَفِيهٍ " فَلَا يَجُوزُ لِهَؤُلَاءِ أَنْ يُوَكِّلُوا غَيْرَهُمْ مَعَ جَوَازِ التَّصَرُّفِ بِأَنْفُسِهِمْ.

قَوْلُهُ: (فِي نِكَاحٍ) أَيْ فِي قَبُولِهِ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْعَكْسِ كَأَعْمَى) تَرْكِيبٌ يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرٍ، أَيْ وَمِنْ الْعَكْسِ مَسَائِلُ كَأَعْمَى إلَخْ.

قَوْلُهُ: (لِلضَّرُورَةِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: " يُوَكِّلُ ".

قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّحَلُّلِ) أَيْ الثَّانِي، أَوْ يُطْلَقُ وَعَقْدُ الْوَكِيلِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ. وَعِبَارَةُ سم: أَيْ أَوْ يُطْلَقُ بِخِلَافِ مَا إذَا قُيِّدَ بِحَالِ الْإِحْرَامِ.

قَوْلُهُ: (فَيَصِحُّ تَوْكِيلُ إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَتْنِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ نَفْسِهِ إلَخْ) وَالْحَالُ أَنَّ الْمَالَ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ مُوَلِّيهِ) أَيْ أَوْ عَنْهُمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ أَوْ يُطْلَقُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَفَائِدَةُ وَكَالَتِهِ عَنْ الْوَلِيِّ أَوْ عَنْ الطِّفْلِ أَوْ عَنْهُمَا عَدَمُ انْعِزَالِهِ بِبُلُوغِ الطِّفْلِ رَشِيدًا إذَا كَانَ وَكِيلًا عَنْهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَنْ الْوَلِيِّ. وَلَوْ كَانَ وَكِيلًا عَنْهُمَا مَعًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَلِيِّ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلطِّفْلِ الَّذِي بَلَغَ رَشِيدًا، شَوْبَرِيٌّ. فَإِنْ أَطْلَقَ التَّوْكِيلَ كَانَ عَنْ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ ح ل.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَمْلِكَهُ الْمُوَكِّلُ) فِيهِ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلْمُوَكَّلِ فِيهِ، وَهَذَا قَاصِرٌ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْوَلِيَّ فِي مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَالِكًا لَعَيْنِ مَالِ مُوَلِّيهِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَمْلِكَهُ أَيْ يَمْلِكَ التَّصَرُّفَ فِيهِ، وَمَعْنَى مِلْكِهِ لِلتَّصَرُّفِ أَنْ يَصِحَّ مِنْهُ وَيَقْدِرَ عَلَى إنْشَائِهِ سَوَاءً كَانَ بِمِلْكٍ لِلْعَيْنِ أَوْ وِلَايَةً، فَدَخَلَ الْأَبُ وَالْجَدُّ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُبَاشِرُ إلَخْ) الَّذِي بِخَطِّهِ: لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُبَاشِرْ إلَخْ وَهِيَ أَنْسَبُ.

قَوْلُهُ: (إلَّا تَبَعًا) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ: " فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ " وَقَوْلُهُ: " فِيمَا سَيَمْلِكُهُ " أَيْ فِي بَيْعِ مَا سَيَمْلِكُهُ. قَوْلُهُ: (فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَنْطُوقِ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ صِحَّةُ تَوْكِيلِهِ بِطَلَاقِ مَنْ سَيَنْكِحُهَا تَبَعًا لِمَنْكُوحَتِهِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَلَا يُشْتَرَطُ مُنَاسَبَتُهُ لِمَتْبُوعِهِ فَلَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ وَطَلَاقِ مَنْ سَيَنْكِحُهَا صَحَّ كَمَا قَالَهُ سم وَالشَّوْبَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقْبَلَ نِيَابَةً) ذَكَرَ الشَّارِحُ شُرُوطًا ثَلَاثَةً، وَالثَّالِثُ قَوْلُهُ الْآتِي: وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَلَوْ مِنْ وَجْهٍ.

قَوْلُهُ: (وَكُلُّ فَسْخٍ) لَوْ قَالَ: " وَحَلٍّ " لَكَانَ أَوْلَى، لِيَشْمَلَ الْعِتْقَ وَالطَّلَاقَ.

قَوْلُهُ: (وَرَدٍّ بِعَيْبٍ) أَيْ إنْ حَصَلَ عُذْرٌ فِي الْفَسْخِ لَا يُعَدُّ بِهِ مُقَصِّرًا فِي الْعُدُولِ عَنْ الْفَسْخِ إلَى التَّوْكِيلِ س ل؛ كَأَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا امْرَأَةً أَوْ كَافِرًا فَيَقُولُ لَهَا أَوْ لَهُ: وَكَّلْتُك لِتَرُدَّ هَذَا الْعَبْدَ الْمَعِيبَ، وَلَا يَقُولُ: فَسَخْت، وَيَشْهَدُ إذْ لَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ وَالْكَافِرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَدَ مُسْلِمًا فَإِنَّهُ يَفْسَخُ وَيُشْهِدُهُ وَيُوَكِّلُهُ فِي الرَّدِّ.

قَوْلُهُ: (وَخُصُومَةٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْخَصْمُ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَتَمَلُّكٍ مُبَاح) أَيْ شَيْءٍ مُبَاحٍ أَيْ إنْ قَصَدَهُ الْوَكِيلُ لِلْمُوَكِّلِ، فَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ فَقَطْ أَوْ أَطْلَقَ فَهُوَ لَهُ أَوْ قَصَدَهُمَا فَهُوَ مُشْتَرَكٌ ق ل، وَلَوْ قَصَدَ وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ فَقَالَ ع ش: يَكُونُ الْقَصْدُ لَاغِيًا فَيَكُونُ لِلْوَكِيلِ وَحْدَهُ.

قَوْلُهُ: (وَاسْتِيفَاءِ عُقُوبَةٍ) لِآدَمِيٍّ أَوْ لِلَّهِ كَقَوَدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>