للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمْرَةٍ وَدَفْعِ نَحْوِ زَكَاةٍ كَكَفَّارَةٍ، وَذَبْحِ نَحْوِ أُضْحِيَّةٍ كَعَقِيقَةٍ. وَلَا يَصِحُّ فِي شَهَادَةٍ إلْحَاقًا لَهَا بِالْعِبَادَةِ، وَلَا فِي نَحْوِ ظِهَارٍ كَقَتْلٍ، وَلَا فِي نَحْوِ يَمِينٍ كَإِيلَاءٍ. وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ فِيهِ مَعْلُومًا وَلَوْ مِنْ وَجْهٍ كَوَكَّلْتُكَ فِي بَيْعِ أَمْوَالِي وَعِتْقِ أَرِقَّائِي، لَا فِي نَحْوِ كُلِّ أُمُورِي كَكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لِمُعَيَّنٍ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ بِأَنَّ التَّابِعَ ثَمَّ مُعَيَّنٌ بِخِلَافِهِ هُنَا وَيَجِبُ فِي تَوْكِيلِهِ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ بَيَانُ نَوْعِهِ كَتُرْكِيٍّ، وَفِي شِرَاءِ دَارٍ مُحِلَّةٍ وَسِكَّةٍ، وَلَا يَجِبُ بَيَانُ ثَمَنٍ فِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَحَدِّ قَذْفٍ وَحَدِّ زِنًا وَشُرْبٍ وَلَوْ فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَالْغَايَةُ رَاجِعَةٌ لِلِاسْتِيفَاءِ، أَيْ فَيَسْتَوْفِي الْوَكِيلُ الْعُقُوبَةَ وَلَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ غَائِبًا بِأَنْ أَذِنَ نَحْوُ السُّلْطَانِ لِصَاحِبِ الْحَقِّ بِالِاسْتِيفَاءِ، فَلَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُوَكِّلَ. فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْقَوَدُ لَا يَسْتَوْفِيهِ إلَّا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ لَا الْمُسْتَحِقُّ، فَكَيْفَ يُوَكِّلُ غَيْرَهُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لَا فِي إقْرَارٍ فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ) بِأَنْ يَقُولَ لِغَيْرِهِ: وَكَّلْتُك لِتُقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِكَذَا، فَيَقُولُ الْوَكِيلُ: أَقْرَرْت عَنْهُ بِكَذَا أَوْ جَعَلْته مُقِرًّا بِكَذَا؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ فَلَا يَقْبَلُ التَّوْكِيلَ كَالشَّهَادَةِ، لَكِنَّ الْمُوَكِّلَ يَكُونُ مُقِرًّا بِالتَّوْكِيلِ عَلَى الْأَصَحِّ لِإِشْعَارِهِ بِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَسَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (وَلَا فِي الْتِقَاطٍ) أَيْ عَامٍّ كَوَكَّلْتُكَ لِتَلْتَقِطَ عَنِّي، بِخِلَافِ وَكَّلْتُك لِتَلْتَقِطَ عَنِّي هَذِهِ اللُّقَطَةَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ:

وَإِنْ يُوَكِّلْ فِي الْتِقَاطٍ خُصَّا ... صَحَّ وَإِلَّا أَبْطَلُوهُ نَصَّا

فَإِنْ قُلْتَ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْكِيلِ فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحِ؟ قُلْتُ: الْفَرْقُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ: تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الْوِلَايَةِ وَهِيَ حِفْظُهَا عَلَى شَائِبَةِ الِاكْتِسَابِ، أَيْ بِخِلَافِ تَمَلُّكِ الْمُبَاحِ، فَإِنَّهُ لَا وِلَايَةَ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (إلَّا فِي نُسُكٍ) وَيَنْدَرِجُ فِيهِ تَوَابِعُهُ كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعِبَادَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: إمَّا أَنْ تَكُونَ بَدَنِيَّةً مَحْضَةً فَيَمْتَنِعُ التَّوْكِيلُ فِيهَا إلَّا فِي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ تَبَعًا لِلنُّسُكِ فَيَجُوزُ فَلَوْ أَفْرَدَهُمَا بِالتَّوْكِيلِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مَالِيَّةً مَحْضَةً فَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِيهَا مُطْلَقًا، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَهُمَا كَالْحَجِّ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ عَنْ مَيِّتٍ أَوْ مَعْضُوبٍ. وَهَذِهِ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ الزِّيَادِيِّ، اهـ م د عَلَى التَّحْرِيرِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ فِي شَهَادَةٍ) وَهَذَا غَيْرُ تَحَمُّلِهَا الْجَائِزِ، وَهُوَ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ. قَوْلُهُ: (إلْحَاقًا لَهَا بِالْعِبَادَةِ) أَيْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَقْصُودٌ مِنْ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا فِي نَحْوِ ظِهَارٍ) أَيْ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ التَّشْنِيعُ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِفِعْلِ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ.

قَوْلُهُ: (كَقَتْلٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ، بِأَنْ يَقُولَ: وَكَّلْتُك فِي أَنْ تَقْتُلَ عَنِّي فُلَانًا ظُلْمًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بِحَقٍّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ وَكَّلَ فِي الْقِصَاصِ ثُمَّ عَفَا قَبْلَ الْقَتْلِ فَقَتَلَهُ الْوَكِيلُ جَاهِلًا بِالْعَفْوِ فَالدِّيَةُ عَلَى الْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالْعَفْوِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ فَالدِّيَةُ عَلَى الْوَكِيلِ زَجْرًا لَهُ فِي تَوَكُّلِهِ فِي الْقَتْلِ اهـ. وَصُورَةُ الظِّهَارِ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ عَلَى مُوَكِّلِي كَظَهْرِ أُمِّهِ أَوْ جَعَلْت مُوَكِّلِي مُظَاهِرًا مِنْك؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ بِأَصْلِ الشَّرْعِ وَهِيَ لَا تَقْبَلُ النِّيَابَةَ. وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا كَانَ مَعْصِيَةً بِأَصْلِ الشَّرْعِ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ، وَمَا كَانَ مَعْصِيَةً لَا بِأَصْلِ الشَّرْعِ بَلْ لِعَارِضٍ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ؛ فَمِنْ الْأَوَّلِ الْقَتْلُ وَالْقَذْفُ وَالسَّرِقَةُ لِأَنَّ أَحْكَامَهَا تَخْتَصُّ بِمُرْتَكِبِهَا لِأَنَّ كُلَّ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ مَقْصُودٌ بِالِامْتِنَاعِ مِنْهَا، وَمِنْ الثَّانِي الْبَيْعُ بَعْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ وَالطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ لِأَنَّ الْإِثْمَ فِيهِ لِمَعْنًى خَارِجٍ؛ اهـ م د عَلَى التَّحْرِيرِ.

قَوْلُهُ: (كَإِيلَاءٍ) وَلِعَانٍ وَنَذْرٍ. وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ يَقُولَ: مُوَكِّلِي يَقُولُ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك مُدَّةَ كَذَا؛ وَنُوزِعَ فِيهِ، اهـ عَبْدُ الْبَرِّ الَأُجْهُورِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ مِنْ وَجْهٍ) كَوَكَّلْتُكَ فِي بَيْعِ أَمْوَالِي. فَالْوَجْهُ الَّذِي هُوَ مَعْلُومٌ مِنْهُ خُصُوصُ كَوْنِهِ مَالًا، وَالْوَجْهُ الْمَجْهُولُ مِنْهُ أَنْوَاعُ الْمَالِ، وَالْوَجْهُ الْمَعْلُومُ فِي عِتْقِ الْأَرِقَّاءِ خُصُوصُ كَوْنِهِ عِتْقًا وَجِهَةُ الْجَهْلِ عَدَمُ الْعِلْمِ بِالْعَدَدِ وَكَوْنِهَا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا.

قَوْلُهُ: (بِأَنَّ التَّابِعَ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْبَاءِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا لِلتَّصْوِيرِ.

قَوْلُهُ: (مُعَيَّنٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْبَيْعُ ح ل، أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ الشَّخْصُ.

قَوْلُهُ: (بَيَانُ نَوْعِهِ) وَبَيَانُ صِفَتِهِ إنْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا ذِكْرُ الذُّكُورَةِ أَوْ الْأُنُوثَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِقْصَاءُ أَوْصَافِ السَّلَمِ وَلَا مَا يَقْرُبُ مِنْهَا اتِّفَاقًا س ل. قَوْلُهُ: (مَحِلَّةٌ) الْمَحَلَّةُ بِكَسْرِ الْحَاءِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ الْحَارَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى السِّكَكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>