للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إثْبَاتٍ؛ فَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً لَزِمَهُ تِسْعَةٌ، لِأَنَّ الْمَعْنَى إلَّا تِسْعَةً لَا تَلْزَمُ إلَّا ثَمَانِيَةً تَلْزَمُ فَتَلْزَمُهُ الثَّمَانِيَةُ وَالْوَاحِدُ الْبَاقِي مِنْ الْعَشَرَةِ. وَمِنْ طُرُقِ بَيَانِهِ أَيْضًا أَنْ تَجْمَعَ كُلًّا مِنْ الْمُثْبَتِ وَالْمَنْفِيِّ وَتُسْقِطَ الْمَنْفِيَّ مِنْهُ فَالْبَاقِي هُوَ الْمُقِرُّ بِهِ، فَالْعَشَرَةُ وَالثَّمَانِيَةُ فِي الْمِثَالِ مُثْبَتَانِ وَمَجْمُوعُهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَالتِّسْعَةُ مَنْفِيَّةٌ فَإِنْ أَسْقَطْتهَا مِنْ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ بَقِيَ تِسْعَةٌ وَهُوَ الْمُقَرُّ بِهِ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً إلَّا سَبْعَةً إلَّا سِتَّةً إلَّا خَمْسَةً إلَّا أَرْبَعَةً إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا اثْنَيْنِ إلَّا وَاحِدًا لَزِمَهُ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَعْدَادَ الْمُثْبَتَةَ هُنَا ثَلَاثُونَ وَالْمَنْفِيَّةَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَيَلْزَمُ الْبَاقِي وَهُوَ خَمْسَةٌ. وَلَك طَرِيقٌ أُخْرَى: وَهِيَ أَنْ تُخْرِجَ الْمُسْتَثْنَى الْأَخِيرَ مِمَّا قَبْلَهُ وَمَا بَقِيَ مِنْهُ يُخْرِجُ مِمَّا قَبْلَهُ، فَتُخْرِجَ الْوَاحِدَ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَمَا بَقِيَ تُخْرِجُهُ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَمَا بَقِيَ تُخْرِجُهُ مِنْ الْأَرْبَعَةِ، وَهَكَذَا حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى الْأَوَّلِ. أَوْ لَك أَنْ تُخْرِجَ الْوَاحِدَ مِنْ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ مَا بَقِيَ مِنْ الْخَمْسَةِ ثُمَّ مَا بَقِيَ مِنْ السَّبْعَةِ ثُمَّ مَا بَقِيَ مِنْ التِّسْعَةِ، وَهَذَا أَسْهَلُ مِنْ الْأَوَّلِ وَمُحَصِّلٌ لَهُ، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ الْمَطْلُوبُ. وَلَوْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا خَمْسَةً لَزِمَهُ خَمْسَةٌ، أَوْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا خَمْسَةً لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ إلَّا خَمْسَةً خَمْسَةٌ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ خَمْسَةٌ، فَجَعَلَ النَّفْيَ الْأَوَّلَ مُتَوَجِّهًا إلَى مَجْمُوعِ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَإِنْ خَرَجَ عَنْ قَاعِدَةِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ فِي الْأَوَّلِ خَمْسَةٌ لِأَنَّهُ نَفْيٌ مُجْمَلٌ فَيَبْقَى عَلَيْهِ مَا اسْتَثْنَاهُ. وَلَوْ قَدَّمَ الْمُسْتَثْنَى عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ صَحَّ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَصَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَمِنْ طُرُقِ بَيَانِهِ أَيْضًا) أَيْ اللَّازِمِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ أَيْضًا إلَى ضَابِطٍ مُفِيدٍ لِلطَّرِيقِ الْأُولَى وَهِيَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ.

قَوْلُهُ: (هُوَ الْمُقَرُّ بِهِ) ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا شَفْعًا، فَالْأَشْفَاعُ مُثْبَتَةٌ، أَوْ وِتْرًا فَعَكْسُهُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَعْدَادَ الْمُثْبَتَةَ هُنَا) وَهِيَ الْأَزْوَاجُ وَالْمَنْفِيَّةَ الْأَفْرَادُ ق ل. قَوْلُهُ: (إلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الْمُسْتَثْنَى الْأَوَّلِ وَهُوَ التِّسْعَةُ.

قَوْلُهُ: (وَلَك أَنْ تُخْرِجَ الْوَاحِدَ إلَخْ) حَاصِلُ هَذِهِ الطَّرِيقِ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ الْأَفْرَادِ فَقَطْ فَتُخْرِجَ الْوَاحِدَ مِنْ الثَّلَاثَةِ، يَبْقَى اثْنَانِ تُخْرِجُهُمَا مِنْ الْخَمْسَةِ، وَيَبْقَى ثَلَاثَةٌ تُخْرِجُهَا مِنْ السَّبْعَةِ، يَبْقَى أَرْبَعَةٌ تُخْرِجُهَا مِنْ التِّسْعَةِ، يَبْقَى خَمْسَةٌ وَهِيَ اللَّازِمَةُ.

قَوْلُهُ: (لَهُ) أَيْ لِلْمَقْصُودِ مِنْهُ: قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْعَشَرَةَ إلَّا خَمْسَةً خَمْسَةً) لِأَنَّ الْمَعْنَى لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ مُتَّصِفَةٌ بِكَوْنِهَا نَاقِصَةً خَمْسَةً. وَإِيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَحَدَاتِ الْخَمْسَةَ لَهَا اسْمَانِ مُفْرَدٌ وَهُوَ لَفْظُ خَمْسَةٍ وَمُرَكَّبٌ وَهُوَ عَشْرَةٌ إلَّا خَمْسَةً، فَإِنَّ مَعْنَاهُ عَشْرَةٌ مُخْرَجٌ مِنْهَا خَمْسَةٌ أَوْ نَاقِصَةٌ مِنْهَا خَمْسَةٌ وَذَلِكَ هُوَ الْخَمْسَةُ؛ فَلِذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِعَدَمِ وُجُودِ شَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ، فَالنَّفْيُ تَوَجَّهَ لِجَمِيعِ مَا بَعْدَهُ كُلِّهِ لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُرَكَّبٌ مَمْزُوجٌ مَعْنَاهُ خَمْسَةٌ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ خَمْسَةٌ، وَلَيْسَ هُنَاكَ مُثْبَتٌ يَبْقَى بَعْدَ النَّفْيِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا فَإِنَّ النَّفْيَ تَوَجَّهَ لِلَّفْظِ شَيْءٍ وَهُوَ عَامٌّ وَبَعْدَهُ مُثْبَتٌ فَيَبْقَى عَلَى الْقَاعِدَةِ وَهُوَ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى بَعْدَ النَّفْيِ يَكُونُ مُثْبَتًا، فَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ: لَزِمَهُ خَمْسَةٌ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ " فَجَعَلَ النَّفْيَ مُتَوَجِّهًا إلَى مَجْمُوعِ الْمُسْتَثْنَى إلَخْ " فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ مَا بَعْدَ النَّفْيِ كَلَامٌ مُرَكَّبٌ مَعْنَاهُ لَفْظُ خَمْسَةٍ، وَلَيْسَ هُنَاكَ مُسْتَثْنًى مِنْهُ وَلَا مُسْتَثْنًى إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ بِحَسَبِ الْأَصْلِ قَبْلَ النَّفْيِ.

قَوْلُهُ: (النَّفْيُ الْأَوَّلُ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ إلَّا نَفْيٌ وَاحِدٌ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ خَرَجَ عَنْ قَاعِدَةِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إلَخْ) أَيْ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْإِلْزَامِ، قَالَ ز ي: وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ ضَابِطٌ حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَامًّا عُمِلَ بِالِاسْتِثْنَاءِ كَقَوْلِهِ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا خَمْسَةً، وَإِنْ كَانَ خَاصًّا أُلْغِيَ الِاسْتِثْنَاءُ كَقَوْلِهِ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا خَمْسَةً، فَلَا يَخْتَصُّ بِهَذَا الْمِثَالِ، فَيَجْرِي فِيمَا لَوْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا مِائَةً فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ نَفْيٌ مُجْمَلٌ) أَيْ عَامٌّ، فَيَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْأَعْدَادِ الَّتِي مِنْهَا الْخَمْسَةُ وَقَدْ اسْتَثْنَاهَا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَدَّمَ الْمُسْتَثْنَى) كَقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ إلَّا خَمْسَةَ عَشْرَةَ، وَلَا بُدَّ مِنْ الشُّرُوطِ وَالنِّيَّةُ حِينَئِذٍ تَكُونُ عِنْدَ الْمُسْتَثْنَى لِأَنَّهُ حَالٌّ مَحِلَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ جِنْسٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ صِفَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ ع ش، وَدَلِيلُهُ: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٧٧] {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: ١٥٧] {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلا سَلامًا} [مريم: ٦٢] اهـ م ر. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي خَاتَمٌ وَأَطْلَقَ دَخَلَ فِي الْإِقْرَارِ فَصُّهُ لِتَنَاوُلِ الْخَاتَمِ لَهُ، وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>