للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لَزِمَهُ رَدُّهُ) عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ التَّمَكُّنِ وَإِنْ عَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ فِي رَدِّهِ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ كَحَبَّةِ بُرٍّ أَوْ كَلْبٍ يُقْتَنَى لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» فَلَوْ لَقِيَ الْغَاصِبُ الْمَالِكَ بِمَفَازَةٍ وَالْمَغْصُوبُ مَعَهُ فَإِنْ اسْتَرَدَّهُ لَمْ يُكَلَّفْ أُجْرَةَ النَّقْلِ، وَإِنْ امْتَنَعَ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ بَرِئَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ، وَلَوْ أَخَذَهُ الْمَالِكُ وَشَرَطَ عَلَى الْغَاصِبِ مُؤْنَةَ النَّقْلِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ يَنْقُلُ مِلْكَ نَفْسِهِ؛ وَلَوْ رَدَّ الْغَاصِبُ الدَّابَّةَ لِإِصْطَبْلِ الْمَالِكِ بَرِيءَ إنْ عَلِمَ الْمَالِكُ بِهِ بِمُشَاهَدَةٍ أَوْ إخْبَارِ ثِقَةٍ وَلَا يَبْرَأُ قَبْلَ الْعِلْمِ، وَلَوْ غَصَبَ مِنْ الْمُودَعِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ بَرِئَ بِالرَّدِّ إلَى كُلِّ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ لَا إلَى الْمُلْتَقَطِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ فِي الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَامِ وَجْهَانِ، أَوْجُهُهُمَا أَنَّهُ يَبْرَأُ؛ لِأَنَّهُمَا مَأْذُونٌ لَهُمَا مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ لَكِنَّهُمَا ضَامِنَانِ.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ مَعَ رَدِّ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ بِحَالِهَا شَيْءٌ، وَيُسْتَثْنَى مَسْأَلَةٌ يَجِبُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْ ذَلِكَ إلَخْ) وَلَيْسَ مِنْ الْمَنْقُولِ مَا يُضْمَنُ بِلَا نَقْلٍ غَيْرِ هَذَيْنِ، وَمَحَلُّهُ فِي مَنْقُولٍ لَيْسَ بِيَدِهِ فَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ كَوَدِيعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَنَفْسُ إنْكَارِهِ غَصْبٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ. وَأَفْهَمَ اشْتِرَاطُ النَّقْلِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِيَدِ قِنٍّ وَلَمْ يُسَيِّرْهُ لَمْ يَضْمَنْهُ. اهـ. م ر قَالَ ع ش: وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِزِمَامِ دَابَّةٍ أَوْ بِرَأْسِهَا وَلَمْ يُسَيِّرْهَا لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا.

قَوْلُهُ: (مَالًا) إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الْآتِيَةَ إنَّمَا تَأْتِي فِي الْمَالِ، وَالشَّارِحُ زَادَ: " أَوْ غَيْرَهُ " وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ كُلَّهَا لَا تُجْرَى عَلَيْهِ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ زَادَهُ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ لَزِمَهُ رَدُّهُ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ رَدُّهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ فَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ خَيْطًا فَخَاطَ بِهِ جُرْحَ حَيَوَانٍ لَهُ حُرْمَةٌ وَلَوْ مَأْكُولًا وَخِيفَ مِنْ نَزْعِهِ الضَّرَرُ الْمُبِيحُ لِلتَّيَمُّمِ غَيْرِ الشَّيْنِ الْفَاحِشِ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ قَهْرًا لِحِفْظِ الْحَيَوَانِ ابْتِدَاءً، فَأَوْلَى أَنْ لَا يُنْزَعَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حُرْمَةٌ كَالْمُرْتَدِّ وَلَوْ بَعْدَ الْخِيَاطَةِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ نُزِعَ وَلَزِمَهُ رَدُّهُ إنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَهْلَكٌ فَلَا يُنْزَعُ بَلْ تَجِبُ قِيمَتُهُ كَمَا لَا يُنْزَعُ مِنْ الْآدَمِيِّ بَعْدَ مَوْتِهِ وَإِنْ لِمَ يُسْتَهْلَكْ لِحُرْمَتِهِ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ لَقِيَ الْغَاصِبُ) تَفْرِيعٌ عَلَى كَلَامِ الْمَتْنِ لِشُمُولِهِ رَدَّهُ فِي، أَيْ مَحَلٍّ كَانَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُنَاسِبُ " وَلَوْ " وَقَوْلُهُ: " بِمَفَازَةٍ " لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى غَيْرِ مَحَلِّ الْغَصْبِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اسْتَرَدَّهُ) أَيْ طَلَبَ الْمَالِكُ رَدَّهُ. قَوْلُهُ: (بَرِئَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ) أَيْ وَلَمْ يَضَعْ الْمَالِكُ يَدَهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ الْغَاصِبُ مُؤْنَةَ النَّقْلِ ق ل. وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَضَعْ إلَخْ قَيْدٌ فِي الْمَنْفِيِّ، كَأَنَّهُ قَالَ: فَإِنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ لَمْ يَبْرَأْ إنْ لَمْ يَضَعْ الْمَالِكُ يَدَهُ عَلَيْهِ إلَخْ. وَقَالَ أج: فَإِنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ لَمْ يَبْرَأْ وَالْمُرَادُ بِمُؤْنَةِ النَّقْلِ ارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ بِسَبَبِ النَّقْلِ بِأَنْ كَانَ سِعْرُهُ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي ظَفِرَ بِهِ فِيهَا أَغْلَى مِنْ سِعْرِهِ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي غَصَبَهُ مِنْهَا، هَكَذَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيّ ز ي؛ لَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْمُؤْنَةِ الْمُضَافَةِ إلَى النَّقْلِ الْأُجْرَةُ، بَلْ الصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَشْمَلُهُمَا؛ وَلِهَذَا أَفْتَى الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي رَجُلٍ أَوْدَعَ آخَرَ فِي دَرْبِ الْحِجَازِ فُولًا وَدَقِيقًا فَتَصَرَّفَ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ بِأَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِقِيمَتِهِ فِي مَحَلِّ الْإِتْلَافِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ الْمِثْلِ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَخَذَهُ الْمَالِكُ وَشَرَطَ إلَخْ) هُوَ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ فَإِنْ اسْتَرَدَّهُ الْمَالِكُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: فَإِنْ اسْتَرَدَّهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ أُجْرَةٍ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَا إجْبَارٍ عَلَى الْتِزَامِهَا كُلِّفَ الْغَاصِبُ حِينَئِذٍ رَدُّهُ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ) أَيْ بِطَرِيقِ الْإِجْبَارِ أَمَّا بِالرِّضَا فَلَا مَانِعَ مِنْهُ فَلْيُرَاجَعْ، وَلَعَلَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ " لَمْ يُجْبَرْ " فَحَرَّفَهَا النَّاسِخُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَنْقُلُ مِلْكَ نَفْسِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ نَقْلُ مِلْكِهِ.

قَوْلُهُ: (إنْ عَلِمَ الْمَالِكُ بِهِ) أَيْ بِالرَّدِّ.

قَوْلُهُ: (إلَى كُلِّ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ) كَمَا لَوْ رَدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ. قَوْلُهُ (لَا إلَى الْمُلْتَقَطِ) وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْهُ بِالرَّدِّ إلَى الْحَاكِمِ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ إنَّهُ لَوْ تَمَلَّكَهَا بَعْدَ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ الشَّرْعِيَّةِ كَفَاهُ الرَّدُّ عَلَيْهِ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (مِنْ جِهَةِ الْمِلْكِ) بَلْ مِنْ الشَّارِعِ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يَبْرَأُ) أَيْ بِالرَّدِّ إلَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (لَكِنَّهُمَا ضَامِنَانِ) الْأُولَى أَنْ يَقُولَ وَإِنْ كَانَا ضَامِنَيْنِ.

قَوْلُهُ: (قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى الرَّدِّ وَلَمْ يَقُلْ وَرَدَّ مَعَهُ غَيْرَهُ، قَالَ الَأُجْهُورِيُّ: مُقْتَضَى هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>